الله عليه - فنقول ومن الله التوفيق.
الأمر الأول في معنى الشفاعة المقصودة وهو أن يطلب الشخص ممن فوقه خيرا لمن دونه، وذلك الخير إما إسقاط عقاب، أو زيادة ثواب، أو كلاهما، فإن كانت الشفاعة لأهل الطاعة كان معناه طلب زيادة ثوابهم ورفع درجاتهم، وإن كانت لأهل الإساءة كان معناه طلب العفو عن زلاتهم وسيئاتهم، وإسقاط عقابهم، أو إسقاط العذاب، والفوز بالمنافع جميعا وهذا الذي ذكرناه هو الحق في تحقيق معنى الشفاعة.
وقد خالف في ذلك فرقتان: التفضيلية، والوعيدية على ما حكي عنهما.
فقال الأولون: إنها مختصة بدفع المضار، وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي المؤمنين، وإليه ذهب جمع من علمائنا.
وقال آخرون: هي في زيادة المنافع للمطيعين، والتائبين دون العاصين.
وقال المحقق الطوسي (1) رفع الله تعالى درجته: الحق صدق الشفاعة فيهما أي لزيادة المنافع وإسقاط المضار، وثبوت الثاني له (عليه السلام) بقوله: ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي.
إنتهى.
أقول: الحق ثبوت الشفاعة له (عليه السلام) بكلا القسمين، وسيأتي تحقيق ذلك في الأمر الرابع إن شاء الله تعالى.
الأمر الثاني: في إثبات الشفاعة المصطلحة لا ريب في جواز الشفاعة عقلا.
وأما وقوعها فيدل عليه مضافا إلى أنه من ضروريات المذهب، بل الدين، كما صرح به المجلسي في حق اليقين (2) الكتاب والسنة والإجماع وكل واحد منها كاف لأهل الاستماع.