ولنعم ما قاله بعض أهل العرفان فيما يناسب هذا العنوان:
عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير المراد أنه واحد الخلائق في جهات الحسن لا قصر جهات حسنه على جهة واحدة فافهم واغتنم هذه الفائدة.
ويدل أيضا على فضل إظهار الحب باللسان، ما ورد في آداب معاشرة الإخوان.
- ففي الكافي (1) في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لهشام بن سالم: إذا أحببت رجلا فأخبره بذلك، فإنه أثبت للمودة بينكما.
- وفيه (2) في حديث آخر صحيح باصطلاح القدماء، عن نصر بن قابوس الجليل رضي الله تعالى عنه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا أحببت أحدا من إخوانك فأعلمه ذلك، فإن إبراهيم (عليه السلام) قال: * (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * (3).
قال المجلسي (ره) في مرآة العقول في شرح الحديث وهذا ينطبق أشد انطباق على ما روي في العيون في تفسير الآية: أن المراد بها ليطمئن قلبي على الخلة. فارجع إليه تفهم.
أقول: المراد بالإعلام كلما دل على حبك لأخيك من أهل الإسلام، لا خصوص إخبارك إياه بهذا المرام ويشهد لذلك أن إبراهيم (عليه السلام) جعل إجابة دعوته علامة خلة الملك العلام كما لا يخفى على ذوي الأفهام، فالاهتمام في الدعاء بتعجيل فرج الإمام إظهار لحبك له على النحو التام وهو يوجب شدة حبه لك من بين الأنام، بل يوجب حب آبائه الكرام. فإن الدعاء له إظهار للحب بجميعهم (عليهم السلام) فيكون باعثا لثبات حبهم لك، بمقتضى الصحيح السابق المروي عن الصادق (عليه السلام). ولو لم يكن غير هذه المكرمة في هذا المقام لكفى في مراتب الفضل والإنعام.
المكرمة الرابعة