مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
والحب في الله والموازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه، ولكل شئ زكاة وزكاة الأبدان الصيام.
أقول: وجه دلالة هذا الحديث الشريف على المطلوب يتوقف على ذكر مقدمة وهي أن للحب درجات ومراتب ولكل مرتبة من تلك المراتب أثر وفائدة للمؤمن الراغب فأول الدرجات هو الحب القلبي الذي يعبر عنه في الفارسية ب‍ (دوست داشتن) وهذه المرتبة هي التي يتوقف عليها الإيمان، والفوز برحمة الرحمن، والدخول في الجنان، فلو لم يقدر عبد على إظهار ما في قلبه من حب ربه وأوليائه (عليهم السلام) لكفاه بنص القرآن * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * وينبعث من هذه المرتبة آثار شتى، بحسب استعدادات العبد وهي أفراد المرتبة الثانية، التي هي فرع المرتبة الأولى، ويعبر عنه في الفارسية ب‍ (دوستي كردن) وفي العربية بالتحابب والمودة ونحوهما، وقد يعبر عنه بالحب في الله.
وقد ورد في فضل التحابب والموادة أحاديث عديدة، ذكرها يوجب التطويل ولكل مرتبة من مراتبه آثار جميلة، وفوائد جليلة، ومن جملة تلك الآثار الشريفة ما ذكر في تلك الرواية اللطيفة، وهو تباعد الشيطان عن الإنسان، وهذا من أعظم أنواع الإحسان، من الخالق المنان.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن المراد من الحب في الله، بقرينة قوله (صلى الله عليه وآله): إن أنتم فعلتموه، الظاهر في إرادة الأفعال البدنية الإنسانية هو التحابب والموادة، يعني إظهار المحبة القلبية إلى ذوي العقائد الدينية، بما يصدر من الأفعال البدنية.
ولا ريب أن أعظم أهل الإيمان وهو مولانا صاحب الزمان أولى بإظهار الحب إليه من جميع أفراد الإنسان، فثمرة التحابب وهو بعد الشيطان، تحصل بالدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان، أسرع من حصوله بالموادة لغيره كائنا من كان، وهكذا الحال في الموادة له بغير الدعاء من أقسام الموادة والموالاة وكذا الموالاة والموادة للنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين وصلحاء المؤمنين درجات بعضها فوق بعض والله سميع عليم.
المكرمة السابعة النجاة من فتن آخر الزمان والسلامة عن الورود في شبكة الشيطان
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»