مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٢٨٩
وجود الإمام: فوجب علينا الاهتمام في أداء شكر هذه النعمة أشد الاهتمام حتى نفوز بازدياد أنواع النعم الجسام، لأن الله عز وجل وعد الازدياد شكرا لشكر العباد، والله لا يخلف الميعاد.
وشكر هذه النعمة الكريمة الجسيمة على وجه يؤدي حقوقها العظيمة مما لا نقدر عليه بحكم العقول السليمة، ولكن القدر المقدور يحصل بعدة أمور:
منها: المعرفة القلبية بهذه النعمة البهية.
ومنها: ذكر فضائله، ونشر دلائله.
ومنها: بذل الصدقات لسلامته، لتصير من أهل كرامته.
ومنها: الإقبال إليه، بما يسره ويزلف لديه.
ومنها: طلب معرفته من الله المتعال، لتكون من أهل الشكر والاقبال.
ومنها: الاهتمام له بخالص الدعاء، بتعجيل الفرج وكشف البلاء، فإن هذا أحد الأقسام لشكر النعماء.
ويشهد لذلك أمور:
أحدها: أنه تعظيم له صلوات الله عليه، كما نشاهد بالوجدان ونرى بالعيان أن من قصد تعظيم بعض الأعيان، دعى له بشخصه ونعته من بين الأقران، وقد بينا أن تعظيم النعمة أول أفراد الإحسان، وأن الشكر هو مقابلة الإحسان بالإحسان، فثبت ما ادعيناه بواضح البرهان.
الثاني: أنه يحصل بالدعاء له صلوات الله عليه كمال الإقبال إليه، وقد مر آنفا في سابق المقال، أن أحد أقسام شكر النعمة هو الإقبال، كما أن الإعراض عن النعمة من أقسام الكفران.
والدليل على ذلك من آي القرآن، قول الخالق المنان، في سورة سبأ (1) بعد ذكر موت سليمان * (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) * حيث عبر عن إعراضهم بالكفران، وجزاهم بالسخط والخذلان.

1 - سورة سبأ: 15 و 16 و 17.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»