المقام الثالث في ولايته علينا، الولاية هنا بكسر الواو، بمعنى السلطنة والاستيلاء، والمراد بولايته علينا هو ما نص عليه في قوله تعالى: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * (1) كما مر صريحا في الحديث الذي رويناه في الباب الثالث في حق السيد على العبد، فراجع.
ومقتضى إذعانك بأنه أولى بك من نفسك في جميع ما يتعلق بك أن تجعله أولى منك في جميع ما تحبه لنفسك وتجعل السعي في حاجته مقدما على حاجتك.
ويحتمل أن يراد هذا المعنى من قوله (عليه السلام) في الزيارة الجامعة (2) ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري (الخ) فولايته (عليه السلام) تقتضي أن تقدمه على نفسك في جميع الأمور، وقد مر في الحديث النبوي ما يدل على ذلك، ومن أهم ذلك الدعاء فإنه مفتاح كل خير، وسلاح كل تقي، فينبغي أن تقدمه على نفسك وكل من تحبه، بالدعاء له بالفرج والعافية. وفيما ذكرنا في هذه المقامات جملة كافية ودلالة شافية.
وصله (عليه السلام) أهم حوائج المحبين، وغاية منى المشتاقين، ومنتهى رغبة العارفين، فمسألة التعجيل فيه من رب العالمين أكثر دعواتهم، وأكبر حاجاتهم، وأعظم مهماتهم، ونعم ما قيل:
فؤادي وطرفي يأسفان عليكم * وعندكم روحي وذكركم عندي ولست ألذ العيش حتى أراكم * ولو كنت في الفردوس أو جنة الخلد ومن طرائف ما سنح بالبال في هذا المقال وكتبته بقلم الاستعجال في الشوق إلى زمن الوصال وتذكر مولاي في كل حال هذه الأبيات:
تولى شبابي في الفراق فأسرعا * وآذن عمري بالرحيل فودعا حييت بشوق الوصل دهرا ولم أكن * بشيء سوى تذكاره متمتعا قد اشتد شوقي فيك يا غاية المنى * ويا خير من صلى ويا خير من دعا