مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٢٤١
الاستجارة عجالة وأمضي إلى مسجد الكوفة.
فصبرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب، فصليتها ثم توجهت لعمل الاستجارة وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه فبينما أنا في صلاة الاستجارة إذ حانت مني التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان (عليه السلام) وهو في قبلة مكان مصلاي فرأيت فيه ضياء كاملا، وسمعت فيه قراءة مصل فطابت نفسي، وحصل لي كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أن في المقام الشريف بعض الزوار، وأنا لم أطلع عليهم، وقت قدومي المسجد، فأكملت عمل الاستجارة وأنا مطمئن القلب.
ثم توجهت نحو المقام الشريف ودخلته فرأيت فيه ضياء عظيما لكني لم أر بعيني سراجا، ولكني في غفلة عن التفكر في ذلك ورأيت فيه سيدا جليلا مهابا بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلي فارتاحت نفسي إليه، وأنا أظن أنه من الزوار الغرباء، لأني تأملته في الجملة فعلمت أنه من سكنة النجف الأشرف.
فشرعت في زيارة مولانا الحجة سلام الله عليه عملا بوظيفة المقام، وصليت صلاة الزيارة فلما فرغت أردت أن أكلمه في المضي إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام فأرى شدة الظلام وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إلي بوجهه الكريم برأفة وابتسام، وقال لي: تحب أن تمضي إلى مسجد الكوفة، فقلت نعم يا سيدنا، عادتنا أهل النجف إذا تشرفنا بعمل هذا المسجد نمضي إلى مسجد الكوفة ونبيت فيه لأن فيه مكانا وخداما وماء.
فقام وقال قم بنا نمضي إلى مسجد الكوفة، فخرجت معه وأنا مسرور به وبحسن صحبته، فمشينا في ضياء وحسن هواء، وأرض يابسة، لا تعلق بالرجل، وأنا غافل عن حال المطر والظلام الذي كنت أراه حتى وصلنا إلى باب المسجد وهو روحي فداه معي وأنا في غاية السرور والأمن بصحبته، ولم أر ظلاما ولا مطرا.
فطرقت باب الخارجة عن المسجد وكانت مغلقة، فأجابني الخادم من الطارق؟ فقلت:
افتح الباب فقال: من أين أقبلت في هذه الظلمة والمطر الشديد؟ فقلت من مسجد السهلة، فلما فتح الخادم الباب، التفت إلى ذلك السيد الجليل فلم أره، وإذا بالدنيا مظلمة للغاية وأصابني المطر فجعلت أنادي: يا سيدنا يا مولانا تفضل فقد فتحت الباب ورجعت إلى
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»