- ويشهد لما ذكرنا ما روي في البرهان (1) عن الصادق (عليه السلام)، في حديث قال: نحن من النعيم.
نعم أعظم النعم الإلهية وجود الإمام (عليه السلام) لأنه الأصل لسائر النعم الظاهرة والباطنة، ومن هنا قد ورد في الروايات (2) أن جميع الناس يسألون عنه يوم القيامة.
وأما الغذاء الطيب والماء البارد ونحوهما فالله تعالى لا يسأل عنها عبده المؤمن، كما في عدة روايات، والحاصل أن كل أحد يسأل يوم القيامة، عن هذه النعمة العظيمة أعني النبي والأئمة وولايتهم (عليهم السلام) فإن كان من الشاكرين الموالين لهم كان من الفائزين، ولم يسأل عما عدا هذه النعمة، وإن كان من الكافرين المعاندين سئل عن جميع ما أنعم عليه من النعم وحوسب على دقيقها وجليلها، وهذا معنى المناقشة في الحساب، وقد يعبر عنه بسوء الحساب.
وبهذا الذي ذكرنا يجمع بين الروايات المتعارضة بظواهرها حيث إن بعضها يدل على أن الله تعالى أجل من أن يسأل عبده عما ينعم عليه من مطعمه ومشربه ونحوهما وبعضها يدل على أن في حلالها حساب.
وتوضيحه: أن وقوع الحساب يوم القيامة حق دل عليه القرآن، ولكن الناس في ذلك على أصناف.
منهم من يعفى عنه، ولا يحاسب أصلا وهذا لا ينافي الآيات الدالة على وقوع الحساب، لأنها قضايا مطلقة قابلة للتقييد والتخصيص.
- ففي تفسير القمي (3) عن الصادق (عليه السلام)، قال: كل أمة يحاسبها إمام زمانها، يعرف الأئمة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم، وهو قوله: * (وعلى الأعراف رجال) * (4) وهم الأئمة يعرفون كلا بسيماهم فيعطون أولياءهم كتبهم بأيمانهم فيمرون إلى الجنة بلا حساب، ويعطون أعداءهم كتبهم بشمالهم فيمرون إلى النار بلا حساب.