- وفيه (1) عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قوله تعالى: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * (2) فأما الحسنى فالجنة، وأما الزيادة فالدنيا ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة.
وروي مثله في البحار عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (3).
وهذا الصنف هم المؤمنون الذين لم يصرفوا ما أعطاهم الله تعالى من النعم في سخطه تعالى، ويشهد لذلك قوله عز وجل: * (أحسنوا) * فتدبر.
وهذا الصنف هم الذين أدوا شكر نعمة وجود الإمام وولايته حق أدائها.
وصنف آخر: هم الذين يحاسبون لكن يعفو الله ويصفح عنهم ويتجاوز عن سيئاتهم، ويحاسبهم بنحو لا يطلع عليه أحد من الخق، أو يحاسبهم إمامهم كذلك وهم المؤمنون الذين عرفوا تلك النعمة العظيمة، لكن صرفوا سائر ما أنعم الله عليهم أو بعضها في سخط الله تعالى، فيحاسبهم الله عز وجل لكن لا يطالبهم بقيمة نعمه عليهم بل يعفو عنهم.
- ويشهد لذلك ما في ثالث البحار (4) عن أمالي الصدوق (5) بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنة: فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا رب على ما أوقف؟ فوعزتك إنك لتعلم أنك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالا فأؤدي منه حقا أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافا على ما علمت وقدرت بي.
فيقول الله جل جلاله: صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنة، ويبقى الآخر حتى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها، ثم يدخل الجنة فيقول له الفقير ما حبسك؟ فيقول طول الحساب، ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي، ثم أسأل عن شئ آخر حتى تغمدني عز وجل منه برحمة وألحقني بالتائبين فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا فيقول: لقد غيرك النعيم بعدي.