حدود السنة الخامسة والسبعين بعد المأتين والألف من الهجرة النبوية كنت أسمع من جماعة أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة، يصفون رجلا يبيع البغل وشبهه، أنه رأى مولانا المنتظر سلام الله عليه وعلى آبائه الطاهرين فطلبت معرفة شخصه حتى عرفته فوجدته رجلا صالحا متدينا وكنت أحب الاجتماع معه في مكان خال، لأستفهم منه كيفية رؤية مولانا الحجة (عليه السلام) روحي فداه.
فصرت كثيرا ما أسلم عليه وأشتري منه، مما يتعاطى بيعه حتى صار بيني وبينه نوع مودة كل ذلك مقدمة لتعرف خبره المرغوب في سماعه عندي، حتى اتفق لي أني توجهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه، والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء، فلما وصلت إلى باب المسجد، رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكلفته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتى فرغنا من العمل الموظف في مسجد السهلة، وتوجهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدام والمساكن.
فلما وصلنا إلى المسجد الشريف، واستقر بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظفة فيه، سألته عن خبره والتمست منه أن يحدثني بالقصة تفصيلا، فقال ما معناه: إني كنت كثيرا ما أسمع من هل المعرفة والديانة أن من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنية رؤية الإمام المنتظر (عليه السلام) وفق لرؤيته، وأن ذلك قد جرب مرارا فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كل ليلة أربعاء ولم يمنعني من ذلك شدة حر ولا برد ولا مطر ولا غير ذلك حتى مضى لي ما يقرب من مدة سنة وأنا ملازم لعمل الاستجارة، والمبيت في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.
ثم إني خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشيا على عادتي، وكان الزمان شتاء وكانت تلك العشية مظلمة جدا لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجهت إلى المسجد وأنا مطمئن بمجيئ الناس على العادة المستمرة، حتى وصلت إلى المسجد وقد غربت الشمس، واشتد الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتد بي الخوف، وأخذني الرعب من الوحدة، لأني لم أصادف في المسجد الشريف أحدا أصلا، حتى إن الخادم المقرر للمجئ ليلة الأربعاء لم يجئ تلك الليلة، فاستوحشت لذلك للغاية، ثم قلت في نفسي ينبغي أن أصلي المغرب، وأعمل عمل