مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ١٧٦
بهذا برهانا، فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي فصاح (عليه السلام) يا عيسى كل من طعامك، فإنك تراني.
فجلست على المائدة فنظرت فإذا عليها سمك حار يفور، وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا، وبجانب التمر لبن، فقلت في نفسي: عليل وسمك وتمر ولبن! فصاح (عليه السلام) بي: يا عيسى أتشك في أمرنا، أفأنت أعلم بما ينفعك ويضرك، فبكيت واستغفرت الله تعالى وأكلت من الجميع وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه، فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا فأكلت منه كثيرا، حتى استحييت فصاح (عليه السلام) بي: لا تستحيي يا عيسى، فإنه من طعام الجنة، لم تصنعه يد مخلوق، فأكلت فرأيت نفسي لا ينتهي عنه من أكله.
فقلت يا مولاي حسبي، فصاح بي: أقبل إلي فقلت في نفسي آتي مولاي ولم أغسل يدي، فصاح بي: يا عيسى وهل لما أكلت غمر؟ فشممت يدي، وإذا هي أعطر من المسك والكافور فدنوت منه فبدا لي نور غشي بصري ورهبت حتى ظننت أن عقلي قد اختلط.
فقال لي يا عيسى ما كان لك أن تراني لولا المكذبون القائلون بأين هو ومتى كان وأين ولد ومن رآه وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأي شئ نبأكم؟ وأي معجز أتاكم أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين مع ما رووه وقدموا عليه، وكادوه وقتلوه وكذلك آبائي ولم يصدقوهم، ونسبوهم إلى السحر، وخدمة الجن إلى ما تبين.
يا عيسى فخبر أولياءنا ما رأيت، وإياك أن تخبر عدونا فتسلبه فقلت يا مولاي ادع لي بالثبات فقال (عليه السلام) لو لم يثبتك الله ما رأيتني، وامض بنجحك راشدا فخرجت أكثر حمدا لله وشكرا.
باب شباهته بذي القرنين (عليهما السلام) ذو القرنين (1) لم يكن نبيا ولكنه دعا إلى الله تعالى وأمر بتقوى الله جل شأنه.
ذو القرنين كان حجة على الناس، القائم حجة على جميع أهل العالم.
ذو القرنين رفعه الله تعالى إلى السماء الدنيا فكشط له عن الأرض كلها جبالها وسهولها وفجاجها حتى أبصر ما بين المشرق والمغرب وآتاه الله من كل شئ علما يعرف به الحق

1 -
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»