جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان فيه جماعة من الثقات والمقدسين إلى أن أتى إلى الصفة المباركة فبكى وتضرع فيها زمانا طويلا وكان يكتب قبيله حاله على الجدار، ويسأل من الناظرين الدعاء والشفاعة، فما تم بكاءه وتضرعه إلا وقد فتح الله تعالى لسانه وخرج بإعجاز الحجة (عليه السلام) من ذلك المقام المنيف مع لسان ذلق وكلام فصيح.
وأحضر في يوم السبت في محفل تدريس سيد الفقهاء وشيخ العلماء رئيس الشيعة وتاج الشريعة المنتهي إليه رياسة الإمامية، سيدنا الأفخم وأستاذنا الأعظم الحاج الأقا ميرزا محمد حسن الشيرازي، متع الله المسلمين بطول بقائه وقرأ عنده متبركا سورة الفاتحة المباركة، بنحو أذعن الحاضرون بصحته وحسن قراءته وصار يوما مشهودا ومقاما محمودا، وفي ليلة الأحد والاثنين اجتمع العلماء والفضلاء في الصحن الشريف، فرحين مسرورين، وأضاؤوا فضاءه من المصابيح والقناديل ونظموا القصة، ونشروها في البلاد.
وكان معه في المركب مادح أهل البيت (عليهم السلام) الفاضل اللبيب الحاج ملا عباس الزنوزي البغدادي فقال - وهو من قصيدة طويلة - ورآه مريضا وصحيحا:
وفي عامها جئت والزائرين * إلى بلدة سر من قد رآها رأيت من الصين فيها فتى * وكان سمي إمام هداها يشير إذا ما أراد الكلام * وللنفس منه براها وقد قيد السقم منه اللسان * وأطلق من مقلتيه دماها فوافى إلى باب سرداب من * به الناس طرا تنال مناها يروم بغير لسان يزور * وللنفس منه دهت بعناها وقد صار يكتب فوق الجدار * ما فيه للروح منه شفاها أروم الزيارة بعد الدعاء * ممن رأى أسطري وتلاها لعل لساني يعود الفصيح * وعلي أزور وأدعو إلاها إذا هو في رجل مقبل * تراه ورى البعض من أتقياها تأبط خير كتاب له * وقد جاء من حيث غاب ابن طه فأومى إليه ادع ما قد كتب * وجاء فلما تلاه دعاها وأوصى به سيدا جالسا * أن ادع له بالشفاء شفاها