مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ١١٥
تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق.
قال أحمد بن إسحاق: فخرجت مسرورا فرحا، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت: يا بن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت به علي، فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ قال (عليه السلام): طول الغيبة يا أحمد.
قلت: يا بن رسول الله وإن غيبته لتطول؟ قال: أي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ولا يبقى إلا من أخذ الله عز وجل عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه، يا أحمد بن إسحاق: هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين، تكن معنا غدا في عليين.
- وعن (1) أبي محمد الحسن بن محمد المكتب، قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدس الله روحه، فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جورا، وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال: فنسخنا هذا التوقيع، وخرجنا من عنده، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له: من وصيك من بعد؟ فقال لله أمر هو بالغه، ومضى رضي الله عنه فهذا آخر كلام سمع منه رحمة الله ورضوانه عليه.
أقول: هذه نبذة مما ورد عن الأئمة الأطهار، في الإخبار بغيبة الإمام الغائب عن الأبصار، رويته بإسنادي الآتي في خاتمة الكتاب عن الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة، ومضى فيما مر، ويأتي فيما بعد ما يناسب هذا المقام.
وينبغي هنا التنبيه على أمور الأول: في سبب غيبته وهو قسمان:

1 - إكمال الدين: 2 / 516 / ح 44.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»