ضيقة مخروبة لا تسع غير واحد فجئت إليه وأردت النزول فرأيت شخصا جليلا على هيئة الأعراب قاعدا عند الماء يتوضأ وهو في غاية من السكينة والوقار والطمأنينة وكنت مستعجلا لخوف عدم إدراك الجماعة فوقفت قليلا فرأيته كالجبل لا يحركه شئ فقلت وقد أقيمت الصلاة ما معناه: لعلك لا تريد الصلاة مع الشيخ، أردت بذلك تعجيله فقال: لا.
فقلت: لم؟ قال: لأنه الشيخ الدخني، فما فهمت مراده فوقفت حتى أتم وضوءه فصعد وذهب ونزلت وتوضأت وصليت، فلما قضيت الصلاة وانتشر الناس وقد ملأ قلبي وعيني هيئته وسكونه وكلامه فذكرت للشيخ ما رأيت وسمعت منه فتغيرت حاله وألوانه وصار متفكرا مهموما فقال: قد أدركت الحجة وما عرفته وقد أخبر عن شئ ما اطلع عليه إلا الله تعالى، اعلم أني زرعت الدخنة في هذه السنة في الرحبة وهي موضع في الطرف الغربي من بحيرة الكوفة محل خوف وخطر من جهة أعراب البادية المترددين إليه، فلما قمت إلى الصلاة ودخلت فيها ذهب فكري إلى زرع الدخنة وأهمني أمره فصرت أتفكر فيه وفي آفاته.
الحكاية الثالثة والثلاثون: وفيه عن العالم الصالح الميرزا محمد تقي بن الميرزا محمد كاظم عزيز الله بن المولى محمد تقي المجلسي الملقب بالألماسي وهو من العلماء الزاهدين، قال: حدثني ثقة صالح من أهل العلم من سادات سولستان عن رجل ثقة أنه قال:
اتفق في هذه السنين أن جماعة من أهل بحرين عزموا على طعام جمع من المؤمنين على التناوب فأطعموا حتى بلغ النوبة إلى رجل منهم لم يكن عنده شئ فاغتم لذلك وكثر حزنه وهمه فاتفق أنه خرج ليلة إلى الصحراء فإذا بشخص قد وافاه وقال له: اذهب إلى التاجر الفلاني وقل (عليهما السلام) يقول لك محمد بن الحسن (عليهما السلام) أعطني الاثني عشر دينارا التي نذرتها لنا فخذها منه وأنفقها في ضيافتك، فذهب الرجل إلى ذلك التاجر وبلغه رسالة الشخص المذكور فقال التاجر: قال لك ذلك محمد بن الحسن (عليهما السلام) بنفسه؟ فقال البحريني: نعم، فقال:
عرفته، فقال: لا، فقال التاجر: هو صاحب الزمان (عج)، وهذه الدنانير نذرتها له فأكرم، الرجل وأعطاه المبلغ المذكور وسأله الدعاء وقال له: لما قبل نذري أرجو منك أن تعطيني منه