إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٢٩
الغري فاتفق لي مصاحبة بعض الأصدقاء من أهل أذربايجان فمنعني عن العجلة في العود وحثني على الإقامة عنده وفي داره إلى زيارة النصف، فأحببت إجابته وأقمت فيها، فبينا نحن ذات ليلة وقد اجتمع في تلك الدار عند صاحبنا جمع من أهل أذربايجان يريدون خطبة بنت له قد تكفلها ورباها من غير أب ولا أم، وهم يتكلمون معه في خطبتها وأن هذا أمر لا بد فيه [من] المسامحة سيما مع كون الصهر شابا جديد الإسلام وينبغي السماحة معه، فلما سمعت ذلك منه دنوت إليه وقلت: في أي مذهب كنت؟ وما شأنك وقصتك؟ وما سبب إسلامك؟ فأجابني: إني تركي ولم أحسن الرطانة، فقلت: أنا أعرف لسان الترك والترجمة لأهل المجلس. فقال: أنا رجل من أرامنة أرومية ساكن قرية من قراها وفيها الحال أبي وأمي وعشيرتي وبنو عمومتي، وحرفتي النجارة وعمل الرحي ولي في هاتين مهارة وافية مشهورة عند أهاليها، فاتفق لي يوما أن كنت في بستان لقطع شجرة وكانت ملقاة وقد وضعنا المنشار عليها لنقدها، فمضى صاحبي الذي كان معي لأمر فانفردت في البستان، وإذا برجل جليل عظيم قد أهابتني جلالته ونبالته فعظمته واحترمته قهرا، ورأيت نفسي بالنسبة إليه مقهورة مغلوبة فقرب مني وقال: يا فلان هات يدك واغمض عينيك وافتحهما لأقول لك، فأعطيته يدي وغمضت عيني فلم أحس شيئا إلا وأسمع هبوب الريح وتمس جلدي من نسيمها، ثم أطلق يدي هنيئة ثم قال: افتحها، فلما فتحتها ما رأيت إلا وأنا في قلة جبل عظيم في قفر وسيع على صخرة عظيمة لا يمكن الصعود عليها والنزول منها، بحيث لو سقط ساقط عنها لتقطع، وتلفت فرأيت ذلك الرجل في أسفل الجبل والصخرة، ثم ذهب وغاب عني فاستوحشت وحشة شديدة واضطربت اضطرابا عظيما، فقلت في نفسي:
ولعلني نائم فحركت يدي ومسحتها على عيني فرأيت نفسي مستيقظا ومشاعري على ما هو عليه فأعملت كل حيلة أحتالها لخلاص نفسي ولم أتمكن فاستسلمت للموت ووقفت متفكرا متحيرا، وإذا برجل غير الأول قد ظهر وأتاني وأرفق بي وسماني باسمي وكلمني بالتركية وتفقد عيني وقال: الحمد لله، إنك قد أفلحت ونجوت، فتسليت به وسألته عن الرجل وصنيعه لي ووجه فلاحي ونجاتي، فقال: إن الرجل هو الإمام الغائب المهدي عجل الله تعالى فرجه قد أتاك ونجاك من دار الشرك والكفر وأتى بك إلى هذا الوادي للهدى
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»