لهما: خذاني معكما إلى ذلك الصقع ثم استأذنا لي منه فإن أذن وإلا فأنصرف ويصيبكم أجر الإجابة. فامتنعا عن ذلك أيضا فأكثرت من الإلحاح عليهما فترحما علي وأجاباني وسلمتهما السدر والكافور مستعجلا وأغلقت الدكان وانطلقت معهما حتى أتينا ساحل بحر عمان، فمشيا على الماء كالمشي على الأرض الصلبة ووقفت متحيرا فالتفتا إلي وقالا: لا تخف وأقسم الله عز وجل بالحجة في حفظك. فقلت ذلك وبسملت فمشيت على الماء كالمشي على الأرض إلى أن انتهينا إلى قبة البحر فبينا نذهب وإذا بسحاب مركوم ومطر غزير تمطر، ومن الاتفاق أني منذ يوم خروجي من البصرة كنت طابخا صابونا واضعا إياه على سطح الدار ليستنشف في الشمس، فلما رأيت تراكم السحاب والمطر الغزير تذكرت الصابون وأنه يتنقع، وإذا برجلي قد نفذتا في الماء وطمست فيه فكدت أن أغرق فأخذت في السبح فالتفت الرجلان إلي وقالا لي: يا فلان تب عما قصدت وتذكرت ومما انصرفت به عن مولاك وجدد القسم، فتبت إلى الله وجددت القسم فصلب الله لي الماء فأخذت أمشي خلفهما كالأول حتى انتهينا إلى الساحل ومضينا فيه إلى أن ظهرت لنا خباء كشجر طور نورها قد ملأ الفضاء والبيداء فالتفت إلي الرجلان وقالا: إن مقصودك في هذه الخباء ولكن قف هنا حتى نذهب ونستأذن لك، فذهبا ودخل واحد منهما في الخيمة فسمعته يتكلم في أمري وإذا بصوت سمعته من وراء الحجاب والخباء يقول: ردوه فإنه رجل صابوني، فلما سمعت هذا من الإمام (عج) ووجدته طبقا للبرهان العقلي والشرعي فاستيأست وقطعت الطمع عن ما كنت أطمعه وعلمت أن هذا مقام شامخ عظيم لا تكاد تناله أيدي المتشبث بالتعلقات الدنيوية (1).
الحكاية الحادية والعشرون: ذكر الفاضل المحدث الميثمي أيضا في كتابه دار السلام ما ترجمته بالعربية: إني كنت في بعض السنين سنة ألف ومائتين وسبعين - ولعله سبع وسبعين - قد تشرفت من النجف الأشرف إلى زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في مخصوصة أول رجب من ذلك العام وما كنت بانيا على التوقف في الحاير، بل كنت عازما على الرجوع إلى