إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٢٤
فقال: ما عهدنا في هذا المكان صرافا أبدا وإنما يقعد فيه فلان فعرفت أنه من أسرار الملك المنان وألطاف ولي الرحمن (1).
الحكاية السادسة عشرة: عن العالم المحقق الخبير السيد علي سبط السيد المذكور المرحوم المغفور له وكان عالما مبرزا، عن السيد المرتضى أعلى الله مقامه بنت أخته وكان مصاحبا له في السفر والحضر، مواظبا لخدماته في السر والعلانية قال: كنت معه في سر من رأى في بعض أسفار زيارته وكان السيد ينام في حجرة وحده وكانت لي حجرة بجنب حجرته وكنت في نهاية المواظبة في أوقات خدماته بالليل والنهار وكان يجتمع إليه الناس في أول الليل إلى أن يذهب شطر منه في أكثر الليالي، فاتفق أنه في بعض الليالي قعد على عادته والناس مجتمعون حوله فرأيته كأنه يكره الاجتماع ويحب الخلوة ويتكلم مع كل واحد بكلام فيه إشارة إلى تعجيله بالخروج من عنده فتفرق الناس ولم يبق غيري فأمرني بالخروج فخرجت إلى حجرتي متفكرا في حالته في تلك الليلة فمنعني الرقاد فصبرت زمانا فخرجت متخفيا لأتفقد حاله فرأيت باب حجرته مغلقا فنظرت من شق الباب وإذا السراج بحاله وليس فيه أحد، فدخلت الحجرة فعرفت من وضعها أنه ما نام في تلك الليلة فخرجت حافيا متخفيا أطلب خبره وأقفو أثره، فدخلت الصحن الشريف فرأيت أبواب قبة العسكريين مغلقة فتفقدت أطراف خارجها فلم أجد منه أثرا فدخلت الصحن الأخير الذي فيه السرداب فرأيته مفتح الأبواب فنزلت من الدرج حافيا متخفيا متأنيا بحيث لا يسمع من حس ولا حركة، فسمعت همهمة من صفة السرداب كأن أحدا يتكلم مع الآخر ولم أميز الكلمات إلى أن بقيت ثلاثة أو أربعة منها وكان دبيبي أخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فإذا بالسيد قد نادى في مكانه هناك: يا سيد مرتضى ما تصنع ولم خرجت من المنزل؟ فبقيت متحيرا ساكتا كالخشب المسندة فعزمت على الرجوع قبل الجواب، ثم قلت في نفسي: كيف تخفي حالك على من عرفك من غير طريق الحواس، فأجبته معتذرا نادما ونزلت في خلال الاعتذار إلى حيث شاهدت الصفة فرأيته وحده واقفا

1 - جنة المأوى: 237 الحكاية الثانية عشر.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»