منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ١٤٢
لا حول ولا قوة إلا بالله ولا فرق فيه بين الحضر والسفر ويستحب في السفر كثرة المزاح في غير ما يسخط الله عنه وكتمان أمرض كان معه بعد مفارقتهم وإذا قرب من المنزل نزل عن دابته وقدم علفها على أكله وإذا أراد النزول اختار من بقاع الأرض أحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا وإذا ظل عن الطريق ينادي يا صالح ويا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله ويكره النزول في وسط الطريق وأطرافها وفي بطون الأودية بل يكره النزول في الأودية مطلقا سواء كان في آخر الليل أو غيره وإذا نزل في مكان يخاف من السبع يستحب أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع الثالث إذا أردت الحج فجرد قلبك لله من قبل عزمك من كل شاغل وحجاب حاجب وفوض أمورك كلها إلى خالقك وتوكل عليه في جميع ما يظهر من حركاتك وسكناتك وسلم لقضائه وحكمه وقدره وودع الدنيا والراحة والخلق وأخرج من حقوق تلزمك من جهة المخلوقين ولا تعتمد على زادك وراحلتك وأصحابك وقوتك وشبابك ومالك مخافة أن يصير ذلك عدوا ووبالا فإن من ادعى رضى الله واعتمد على شئ سواء صيره عليه عدوا ووبالا ليعلم أنه ليس له قوة ولا حيلة ولا لأحد إلا بعصمة الله وتوفيقه واستعد استعداد من لا يرجو الرجوع وأحسن الصحبة وراع أوقات فرايض الله وسنن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وما يجب عليك من الأدب والاحتمال والصبر والشكر والشفقة والسخاء وإيثار الزاد على دوام الأوقات ثم اغتسل بماء التوبة الخالصة من الذنوب والبس كسوة الصدق والصفاء والخضوع والخشوع واحرم عن كل شئ يمنعك عن ذكر الله ويحجبك عن طاعته ولب بمعنى إجابة صافية خالصة زاكية لله عز وجل في دعوتك له مستمسكا بالعروة الوثقى وطف بقلبك مع الملائكة حول العرش كطوافك مع المسلمين بنفسك حول البيت وهرول هربا من هواك وتبريا من حولك وقوتك واخرج من غفلتك وذلاتك بخروجك إلى منى ولا تتمن ما لا يحل لك ولا تستحقه واعترف بالخطايا بعرفات وجدد عهدك عند الله بوحدانيته وتقرب إلى الله واتقه بمزدلفة واصعد بروحك إلى الملأ الأعلى بصعودك إلى الجبل واذبح بحنجرة الهوى والطمع عنك عند الذيحة وارم الشهوات والخساسة والدنائة والذميمة عند رمي الجمار واحلق العيوب الظاهرة والباطنة بحلق شعرك وادخل في أمان الله وكنفه وستره وكلائته من متابعة مرادك بدخولك الحرم وزر البيت متحققا التعظيم صاحبه ومعرفة بجلاله وسلطانه واستسلم الحجر رضى بقسمته وخضوعا لعزته قد وودع ما سواه بطواف الوداع وصف روحك وسرك للقاء الله يوم تلقاه بوقوفك على الصفا وكن ذا مرآة من الله نقيا عند المروة واستقم على شرط حجك هذا ووفاء عهدك الذي عاهدت به مع ربك وأوجبته له إلى يوم القيامة واعلم بأن الله تعالى لم يفترض الحج ولم يخصه من جميع الطاعات بالإضافة إلى نفسه بقوله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ولا شرع لنبيه صلى الله عليه وآله سنة في خلال المناسك على ترتيب ما أشرعه إلا للاستعداد وإشارة الموت والقبر والبعث والقيامة وفصل بيان السابقة من الدخول في الجنة أهلها ودخول النار أهلها يشاهد مناسك الحج من أولها إلى آخرها لأولي الألباب وأولي النهى هذا وفضيلة الحج وعقاب تاركه لا تحصى المنهج الأول في شرايط الحج والعمرة وأقسامهما
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»