كشف الجواب عما تضمنه ذلك الكتاب من الإنكار على أكثر المسلمين في جميع الأقطار (1).
أقول: إن أريد بدعوة غير الله والاستغاثة إسناد الأمر إلى المخلوق على أنه الفاعل المختار الذي تنتهي إليه المنافع والمضار، فذلك من أقوال الكفار. والمسلمون بجملتهم براء من هذه المقالة ومن قائلها، وما أظن أن أحدا ممن في بلاد المسلمين يرى هذه الرأي، ولا سمعناه من أحد إلى يومنا هذا.
وإن أريد أن المدعو والمستغاث به له اختيار وتصرف في أمر الله تعالى، فيحكم على الله، فهذا أشد كفرا من الأول.
وإن أريد دعاؤه والاستغاثة به للدعاء والشفاعة، أو من التصرف في العبارة، كما تقول: يا رحمة الله، ويا بيت الله، ويا عبد الله، ولا تريد إلا نداء الله ودعاءه، واستغاثته، فهذا من أعظم الطاعات، وفيه محافظة على الآداب من كل الجهات.
وكون الدعاء عبادة إنما يجري في قسم منه، وهو الطلب من الخالق المدبر الذي جل شأنه عن الأشباه والنظائر. ولو جعلت كل دعاء عبادة، للزم أن دعاء (زيد) لاصلاح بعض الأمور، أو دفع بعض المحذور، وطلب الأفعال، كلها من قبيل الكفر.
فالسؤال، والأزواج، والعبيد، والخدام في طلب المآكل والملابس مربوبون، ومقابلوهم أرباب، فيكون ذلك مكفرا، وإن أقررت بالتخصيص خصصناه بما ذكرناه.
وبيانه: أن لفظ (الدعاء) لا يراد به المعنى اللغوي، وإلا لكفر جميع الخلق، فالمراد دعاء العبودية والمربوبية، كمن دعا الأصنام أن الصالحين، مع إعتقاد ربوبيتهم، وقصد عبوديتهم، مكتفين بها عن عبادة الله، أو مشركين أولئك مع الله لقصد وصول النفع