أجاب بالحق قيل له: نم نومة العروس، وإلا فتح له باب إلى قبره يكون معذبا إلى يوم القيامة (1).
وعن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: يأتيه ملكان يجلسانه، ثم ذكر أنهما يسألانه، فأن أجاب بحق، فتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، وإلا يفتح له باب إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها. إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على أنهم في قبورهم يتلذذون ويتألمون، وهذا من توابع الحياة ولوازمها.
وكيف كان فقد بلغت هذه الأخبار فوق التواتر، وبعد عموم قدرة الفاعل المختار، لا بعد ولا غرابة في مداليلها.
وما دل من الكتاب والسنة على أن الأحياء يكون عند النفخ في (الصور)، فقد بينا أن المراد: إما الحياة على النحو المعهود من تلك الأشخاص الخاصة بعينها، أو يراد أنه يوم البروز والظهور على عيون الأشهاد.
وإذا تبين بهذه الأخبار المتواترة، أنهم يسمعون ويعقلون ويعرفون من يخاطبهم، صح لنا أن نخاطبهم مخاطبة الأحياء فنلتمس دعاءهم، ونقسم عليهم بالأقسام في أن يكونوا شفعاء لنا في الدنيا وفي يوم القيام، لأن الشفاعة أظهر فرديها أنها دعاء خاص، واختصاص الخواص بها باعتبار قبولها.
فلو قال قائل لنبي، أو وصي، أو عبد صالح: إشفع لي، أو ادع لي، أو أغثني، أو أعني (أي بدعائك)، أو قال: إقض لي حاجتي، أو ارزقني مالا، وأدفع الضرر عني، ونحو ذلك ولا يريد سوى التوسط بالدعاء وسؤال الله، لم يكن عليه شئ.
وقد وقع كثير من ذلك في كلام الصحابة والتابعين، بل ربما كان هذا التعبير أولى، لدلالته على قرب منزلة العبد عند مولاه واحترامه، فتكون شهادة له بنبوته، وقرب منزلته.
وليس على من قال للعبد المقرب، أو إلى الخادم المقرب: إقض حاجتي، (بمعنى اسع لي في قضاءها عند مولاك)، بأس، بل هو أنسب في التواضع إلى المولى.
وأما من قال مثل ذلك معتقدا أن الأنبياء والأوصياء بأيديهم الأمر أصالة، يفعلون ما يشاؤون، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.