إليهم منهم، وليقربوا إلى الله زلفى.
وأما ما ذكرته من (النذر لغير الله تعالى) و (الذبح لغير الله)، وهذا أيضا إن أريد أنهم يذبحون مهلين باسم غير الله، أو ينذرون تعبدا لغير الله. فذلك لم يصدر من أحد من المسلمين، وكل من فعل ذلك، فهم منه براء، سواء كان ذلك عبادة لغير الله، أو كان لأجل أن يقرب إلى الله.
وأما لو كان من باب إهداء ثواب المذبوح والمنحور والمنذور إلى أولياء الله وعباده الصالحين، فهو من أعظم الطاعات، وأفضل القربات، وقد بينا ذلك في بعض المقامات.
قولك: إن ذلك حقيقة دين المشركين أعداء رسل رب العالمين، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم إبراهيم، فأخبر الله عنهم بذلك في كتابه المبين، حيث يقول وهو أصدق القائلين (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (1) فأخبر الله أنهم ما عبدوهم إلا ليقربوهم إلى الله زلفى، وقال سبحانه وتعالى:
(ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (2).
فتأمل كيف أخبر الله سبحانه عنهم أنهم ما قصدوا بعبادتهم غير الله إلا التقرب إلى الله والشفاعة عنده، وإلا فهم مقرون أن الله هو المدبر لأمر هذا العالم العلوي والسفلي، كما أخبر الله عنهم أنهم أقروا بذلك، قال الله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والبصر ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله قل أفلا تتقون) (3).
أقول: إن لكل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، إن عبدة غير الله قد اتخذوا آلهة دون الله تعالى أو مع الله وجعلوا لهم أندادا وأمثالا لله، قال الله تعالى:
(أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم نفعا ولا ضرا) (4)، وقال: (فلا تجعلوا لله أندادا) (5)، وقال: (وجعلوا لله شركاء الجن) (6)، وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) (7)، وقال: