مثابا.
ومن طاف بين (المروتين)، عملا بالكتاب وسنة سيد الثقلين، لم يكن عليه مؤاخذة في البين.
وطوائف المسلمين بأجمعهم لا يتبرك منهم أحد بقبر أو غيره، إلا أنه بزعم أنه مأمور من الله، ومن تبرك قاصدا للعبادة، فهو خارج عن ربقة المسلمين.
ومن البين المعلوم أنه لو أمر (المولى) عبده بالتبرك بثياب عبده المقرب، أو مكانه، أو قبره، فأمتثل، كان مطيعا لمولاه، لا للعبد الذي قربه وأدناه.
فأقسمت عليك بمن جمع بيننا في كلمة الإسلام، وألف بين قلوبنا في هذه الأيام، أن تنفرد عن الأصحاب إذا ورد عليك (الكتاب)، وترى نفسك كأنك الآن خلقت من تراب، وتبذل الجهد في تمييز الخطأ من الصواب، فأنه - والله (1) - لا حاجة بنا إلا إليه، ولا إعتماد لنا إلا عليه.
وليس لنا مع الأنبياء والأولياء قرابة نسب، ولا لهم علينا ما نخاف منه الطلب، وإنما عظمناهم لأمر الله، وأخذنا بأقوالهم عملا بقول رسول الله، وما أبرء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
وكشف الحال على وجه يدفع ما قيل أو يقال: إن التواضع والتبرك والأكرام والاحترام لما هو معظم عند الملك العلام من تعظيم الله، كما أن قرآنه وبيته، ومساجده لانتسابها إليه، احترام له تبارك وتعالى. فمن عظم عيسى ومريم وعزير لعبوديتهم، وقرب منزلتهم، فهو معظم لله.
كما أن من عظم بيت السلطان وعبيده وغلمانه وأتباعه من حيث التبعية، يكون معظما للسلطان. وأما من (وجدها) قابلة للتعظيم، وأهلا له من حيث ذاتها لا لأجل العبودية والتابعية، وإن كان غرضه التقريب زلفى، إنما يكون معظما لها، لا للسلطان.
وإني منذ ثلاثين حجة أنظر في حال طوائف المسلمين، محقيهم ومبطليهم، فلم أجد أحدا يعظم كتابا، أو نبيا، أو مكانا، أو عبدا صالحا من غير قصد قربة من الله، أو انتسابه إليه، فقد ظهر أن هذا كله من باب طاعة الله وتعظيمه.
وأما عبدة الأصنام والعباد الصالحين، فأنما أرادوا عبادتهم حق العبادة، كأن يصلوا