فصل (تعداد الفرق الإسلامية) إذا تقرر هذا، فنقول: افترقت الأمة بعد نبيها فرقتين: علوية، وبكرية، وزيادة المذاهب تدل على زيادة الشبهات، لأن الحق لا يتكثر ولا يتغير، ومشربه صاف لا يتكدر.
فصل ومع افتراقهم إما أن يكونا على الحق معا، أو على الضلال كلا، أو أحدهما محق والآخر مبطل، أما كونهما على الحق معا فممنوع أيضا، لأنهما لو كانا على الحق معا لما اختلفا ولا افترقا، ومنشأ الخلاف أن كلا منهما ادعى أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، فإن صدقا معا لزم كذب الرسول، وإن كذبا لزم جهل الرسول، وجهله ممتنع، فتعين صدق أحدهما وكذب الآخر والدعوى فيه، فوجب النظر فيما يتبين به الصادق من الكاذب منهما، فوجدنا لعلي عليه السلام السبق إلى الدين كرم الله وجهه، ومعناه أنه لم يسجد لصنم (1)، وفي السبق إلى الإسلام: أنت أول القوم إسلاما (2)، وفي العلم مرتبة: لو كشف الغطاء (3)، وفي الشجاعة: لا فتى إلا علي (4)، وفي الزهد: أنا كأبي الدنيا لوجهها (5)، وفي القرب والقرابة: أنت مني وأنا منك (6)، وفي النصوص: من كنت مولاه فعلي مولاه (7).
وفي التعيين والتبيين: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (8)، فهو سيد الموحدين، وفارس المسلمين، والعالم بغوامض الكتاب المبين، وقسيم تبعة سيد المرسلين، والواجب له الخلافة بالنص المبين.