حبه يدخل الجنة وبغضه يدخل النار أشرارا، وسميتم شيعته من اليهود؟ فهناك فروا من الجهل وقالوا: لأنهم يقولون بسب الصحابة، ثم يقولون: قال رسول له: من سب أصحابي فقد سبني (١)، فإذا قلت لهم فهذا الحديث مخالف لاعتقادكم، أليس عندكم أنه كلما يصدر من العبد من الأفعال فإنها بقضاء الله وقدره، والله مريد لأفعال العبد، والعبد واسطة في الفعل والإرادة لله، فما ذنب من يسب إذا كان ذاك بقضاء الله وقدره، وكيف يكون الزنا والكفر من العبد بإرادة الله، والسب لا يكون بإرادة الله، ثم يقول لهم: وقد رويتم أيضا إن كان مجتهد أصاب فله أجران في اجتهاده، وإن أخطأ فله أجر (٢)، فهؤلاء في اجتهادهم في السب إن أصابوا فلهم ثواب من اجتهد وأصاب، وإن أخطأوا فكذلك.
ثم نقول لهم: لقد نطق القرآن لهم بالتنزيه والفوز، وأنه لا وزر عليهم فيما وزروا فيما زعمتم أن عليهم به الوزر والكفر، وذاك إما لحكم القضاء والقدر، وإن من تسبونه لا إثم عليهم في سبه، وذلك في قوله تعالى حكاية عنكم يوم القيامة، وقالوا: ﴿ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار * اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار﴾ (3)، والناس ليس فيها بإجماع الكتاب والسنة، وفحوى هذه الآية وبرهان العقل إلا الكافر والمنافق، والجنة ليس فيها كافر ولا منافق إلا مؤمن ومسلم، وقد شهدت هذه الآية لشيعة علي أنهم ليسوا من الكفار ولا من المنافقين، بل من المؤمنين، وإلا لكانوا في النار، لكنهم ليسوا فيها فهم في الجنة، وليس في الجنة إلا المؤمن، فتعين أن شيعة علي هم المؤمنون، ولم يضرهم سبهم الذي سميتموهم به أشرارا، بل كانوا به من الأخيار، فظهر كذبكم على النبي أنه قال: من سب أصحابي فقد سبني، وإن ثبت صدق الحديث لزم من صدقه أن أصحابه آله، كما تقدم، فتعين أن بغض المنافقين الشيعة ليس إلا بحبهم لعلي، ومن أبغض مواليا لعلي أبغضه الله، ولذلك قال الصادق عليه السلام: رحم الله شيعتنا أنهم أوذوا فينا وأننا نؤذي فيهم. (4) فصل ثم رووا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه مات ولم يوص إلى أحد، وأنه جعل الاختيار إلى أمته، فاختاروا