مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١١٩
النبي، أي أنا أحمده عن تبليغه الرسالة عن ربه، وقوله: أنا علي يعني علي في قولي، وقوله. وأنا ربكم أي لي كم أرفعها وأضعها، ففرح عمر وقام فقبل رأس أمير المؤمنين عليه السلام وقال: لا بقيت بعدك يا أبا الحسن (1).
ومن ذلك أن ابن الكوا قدم إلى أمير المؤمنين وهو يخطب فقال: إني وطأت على دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة أفآكلها؟ قال: لا، قال: فإن استفرختها فخرج منها فروخ فآكله؟ فقال: نعم.
فقال: كيف ذاك؟ فقال: لأنه حي خرج من ميت، وتلك ميتة خرجت من ميت (2).
أقول: وكيف لا يكون ذاك كذلك؟ وقد روى الحسن البصري أن الخضر لما التقى بموسى وكان بينهما ما كان جاء عصفور فأخذ قطرة من البحر فوضعها على يد موسى فقال الخضر: ما هذا؟ قال:
يقول ما علمنا وعلم سائر الأولين والآخرين في علم وصي النبي الأمي إلا كهذه القطرة في هذا البحر (3).
وروى ابن عباس عنه أنه شرح له في ليلة واحدة من حين أقبل ظلامها حتى أسفر صباحها وطفئ مصباحها في شرح الباء من بسم الله ولم يتعد إلى السين، وقال: لو شئت لأوقرت أربعين بعيرا من شرح بسم الله (4).
نعم هذا أخو النبي ووصيه، ونائب الحق ووليه، وأسد الله وعليه، ومختاره ورضيه، الذي واسى النبي وساواه، وبمهجته في الملمات وفاه، وأجابه حين دعاه ولباه، وشيد الدين بعزمه وبناه، وكان بيت النبوة مرباه، ومبناه، وشمس الرسالة عرسه، وغصن الجلالة والنبوة ولداه، الذي نصر الرسول وحماه، وغسل النبي وواراه، وقام بدينه ودينه وقضاه، وليد الحرم وربيب الكرم، وفتاه الذي أباد الشرك وأفناه.
ومن ذلك: أن رجلا من الخوارج مر بأمير المؤمنين عليه السلام ومعه حوتان من الجري قد غطاهما بثوبه فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: بكم شريت أبويك من بني إسرائيل؟ فقال له الرجل: ما أكثر ادعاءك للغيب؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أخرجهما. فأخرجهما، فأخرجهما، فقال أمير المؤمنين ع: من أنتما؟ فقالت

(١) بحار الأنوار عن المناقب: ٤٠ / ٢٢١ ح ٤ والحديث طويل.
(٢) شرح الأخبار للقاضي: ٢ / ٣٢٤، ومناقب آل أبي طالب: ٢ / ١٩٦ وفيهما: استحضنتها.
(٣) بحار الأنوار: ٤٠ / 186 ح 71.
(4) تذكرة الخواص: 153، والطرائف: 1 / 205 بتحقيقنا، والبحار: 40 / 186 ح 71.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»