فصل (أثر حب علي وطاعته) التوحيد لا يقابله شئ قل أم جل، وكذا حب علي إذا كان في الميزان لا ينقصه شئ من الذنوب قل أم جل، فإذا كان حبه في الميزان فلا سيئة، وإذا لم يكن فلا حسنة، لأن الحسنات بالتحقيق حبه، والسيئات بغضه، لأن حبه حسنة لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة (١)، وإليه الإشارة بقوله: ﴿فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات﴾ (٢) وقوله: ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا﴾ (٣) وليس في القيامة إلا مؤمن وكافر ومنافق، والكافر ليست له حسنات توزن ولا للمنافق، فتعين أن ذلك للمؤمنين المذنبين وإنما وسعه الرحمن لأن من جاء بالإيمان فكان كتابه متصل الحكم ثابتا في دار القضاء لأن مبناه التوحيد، وشهوده النبوة، وسجله الولاية، فوجب له الإيمان من الله، المؤمن لإنصافه يوم لقائه، وأما المنافق فهو يجهد في الدنيا قد ضيع الأصل وأكب على الفرع، والفرع لا يثبت إلا مع الأصل، ولا أصل هناك فلا فرع إذا فهو يسعى مجدا لكنه ضايع جدا وإليه الإشارة بقوله: ﴿الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم) يحسبون أنهم يحسنون صنعا﴾ (4) فإذا ورد القيامة لا يرى شيئا مما كان يظن أنه يلقاه، لأن المنافق لا برهان له فأعماله بالظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، لأن ما لا برهان له لا أصل له، وما لا أصل له لا فرع له، فلا قبول له ولا وجود له، والمنافق لا برهان له فلا أصل له ولا فرع له، فلا إيمان له، فلا نجاة له.
ودليله ما رواه صاحب الكشاف من الحديث القدسي من الرب العلي أنه قال: لأدخلن الجنة من أطاع عليا وإن عصاني، ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني (5)، وهذا رمز حسن وذلك لأن حب علي هو الإيمان الكامل، والإيمان الكامل لا تضر معه السيئات، فقوله: وإن عصاني فإني أغفر له إكراما له وأدخله الجنة بإيمانه فله الجنة بالإيمان، وبحب علي العفو والغفران، وقوله:
ولأدخلن النار من عصاه وإن أطاعني وذلك لأنه إذا لم يوال عليا فلا إيمان له، فطاعته هناك مجازا لا