الجواب الثالث من عمرو بن عبيد قال: ليس عندي شئ في ذلك أتم حكمة من قول علي بن أبي طالب: " إذا كان الوزر في الأصل محتوما، كان الوازر في القصاص مظلوما ".
الجواب الرابع من عامر الشعبي قال: ليس عندي شئ في ذلك أصوب من قول علي عليه السلام: " ما استغفرته عليه فهو منك، وما حمدته عليه فهو منه، وما بكم من نعمة فمن الله، وما بكم من خيانة فبما كسب أيديكم، وما الله بظلام للعبيد ".
ويقول العبد الفقير إلى رحمة ربه ورضوانه، الحسن بن أبي الحسن - مملي ما ذكرناه - أعانه الله على طاعته، وتغمده برأفته وحرمته: إن الله تعالى قال: ﴿ادخلوا في السلم كافة﴾ (١) فهذا أمر منه بالدخول في باب الطاعة، فكيف يجوز في العدل والحكمة، أن يأمرهم بدخولها وقد أغلقها عنهم؟ وما هذا إلا كمن أمر العميان أن ينظروا إلى الهلال والزمن (٢) أن يعدو، والأصم أن يسمع خفي القول، والله تعالى يقول إنه لا يظلم العباد شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (٣). وقال سبحانه: ﴿وما ربك بظلام للعبيد﴾ (4) وروي أن طاووس اليماني دخل على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، وكان يعلم أنه يقول بالقدر، فقال له: " يا طاووس من أقبل للعذر من الله ممن اعتذر وهو صادق في اعتذاره؟ " فقال: لا أحد أقبل للعذر منه.
فقال له: " من أصدق ممن قال: لا أقدر وهو لا يقدر؟ " فقال طاووس: لا أحد أصدق منه.
فقال له الصادق: " يا طاووس، فما بال من هو أقبل للعذر، لا يقبل عذر من قال: لا أقدر، وهو لا يقدر؟ " فقال طاووس وهو يقول: ليس بيني وبين الحق عداوة، والله أعلم حيث يجعل