أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٢٨٩
واجعل لكل إنسان من خدمك عملا تأخذه به، فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك، وأكرم عشيرتك، فإنهم جناحك الذي به تطير، وأصلك الذي إليه تصير، ويدك التي (1) بها تصول.
أستودع الله دينك ودنياك، وأسأله خير القضاء لك، في الآجلة والعاجلة والدنيا والآخرة " (2).
وروي عن الحسن بن يقطين (3)، عن أبيه، عن جده قال: ولي علينا بالأهواز رجل من كتاب يحيى بن خالد، وكان علي من بقايا خراج كان فيها زوال نعمتي وخروج من ملكي، فقيل لي: إنه ينتحل هذا الأمر، فخشيت أن ألقاه مخافة ألا يكون ما بلغني حقا، فيكون فيه خروجي من ملكي وزوال نعمتي، فهربت منه إلى الله تعالى، وأتيت الصادق (4) عليه السلام مستجيرا، فكتب إليه رقعة صغيرة فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم: إن لله في ظل عرشه ظلا لا يسكنه إلا من نفس عن أخيه كربة، أو أعانه بنفسه، أو صنع إليه معروفا، ولو بشق تمرة. وهذا أخوك والسلام.
ثم ختمها ودفعها إلي وأمرني أن أوصلها إليه، فلما رجعت إلى بلدي، صرت إلى منزله فاستأذنت عليه، وقلت: رسول الصادق عليه السلام بالباب، فإذا أنا به وقد خرج إلي حافيا، فأبصرني وسلم علي وقبل ما بين عيني، ثم قال لي: يا سيدي أنت رسول مولاي؟ فقلت: نعم، فقال: قد أعتقتني من النار إن كنت صادقا، فأخذ بيدي وأدخلني منزله، وأجلسني في مجلسه، وقعد بين يدي، ثم قال: يا سيدي كيف خلفت مولاي؟ فقلت: بخير، فقال: الله الله؟ قلت: الله، حتى أعادها ثلاثا، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها ووضعها على عينيه، ثم قال: يا أخي مر بأمرك، فقلت: في جريدتك علي كذا وكذا ألف ألف درهم، وفيه عطبي وهلاكي؟ فدعا الجريدة فمحا عني كل ما

١ - في الأصل: الذي، وما أثبتناه من نهج البلاغة.
٢ - نهج البلاغة ٣: ٥٥.
٣ - في البحار ٤٧: ٢٠٧ / ٤٩: الحسن بن علي بن يقطين.
٤ - في قضاء حقوق المؤمنين: الصابر عليه السلام أي موسى بن جعفر، وقال المجلسي بعد ذكر الحديث عن كتاب قضاء الحقوق: رواه في عدة الداعي عن الحسن بن يقطين عن أبيه، عن جده وذكر فيه الصادق مكان الكاظم وما هنا أظهر.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»