أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٤١
لا يعمل شيئا من الخير رياء، ولا يتركه حياء، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، إن كان بين الغافلين كتب من الذاكرين، وإن كان بين الذاكرين لم يكتب من الغافلين.
يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، قريبا معروفه، صادق قوله، حسن فعله، مقبل خيره، مدبر شره، غائب مكره، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على ما يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يدعي ما ليس له، ولا يجحد ما عليه، يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا ينابز بالألقاب، لا يبغي على أحد، ولا يغلبه الحسد، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصاب، مؤد للأمانات، عامل بالطاعات، سريع إلى الخيرات، بطئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويجتنبه، لا يدخل في الأمور بجهل، ولا يخرج من الحق بعجز، إن صمت لم يعبه الصمت، وإن نطق لم يعبه اللفظ، وإن ضحك لم يعل به صوته، قانع بالذي قدر له، لا يجمح به الغيظ، ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح.
يخالط الناس ليعلم ويفارقهم ليسلم، يتكلم ليغنم، ويسأل ليفهم، نفسه منه في عناه، والناس منه في راحة، أراح الناس من نفسه، وأتعبها لآخرته، إن بغي عليه صبر ليكون الله هو المنتصر له، يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله، فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده.
أولئك عمال الله، ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته، أولئك شيعتنا وأحبتنا، ألا، ها شوقا إليهم ".
فصاح همام بن عبادة صيحة ووقع مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه. واستعبر الربيع باكيا وقال: لأسرع ما أودت موعظتك - يا أمير المؤمنين - بابن أخي، ولوددت أني بمكانه.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: " هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها، أما - والله - لقد كنت أخافها عليه ".
فقال له قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟
فقال: " ويحك، إن لكل واحد أجلا لن يعدوه، وسببا لن يتجاوزه، فمهلا لا تعد لها، فإنما نفثها على لسانك الشيطان ".
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»