قلوبا دخلوا في الدين ثم خرجوا منه، وحرموا ثم استحلوا، وعرفوا ثم أنكروا، وإنما دين أحدكم على لسانه، ولئن سألته هل يؤمن بيوم الحساب؟ قال: نعم، كذب ومالك يوم الدين، إن من أخلاق المؤمنين قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا في علم، وشفقة في مقة (1)، وحلما في حكم، وقصدا في غنى، وتجملا في فاقة، وتحرجا عن طمع، وكسبا من حلال، وبرا في استقامة، ونشاطا في هدى، ونهيا عن شهوة.
إن المؤمن عواذ بالله، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يضيع ما استودع، ولا يحسد، ولا يطعن، ويعترف بالحق وإن لم يشهد عليه، ولا ينابز بالألقاب، في الصلاة متخشع، وإلى الزكاة مسارع، وفي الزلات وقور، وفي الرخاء شكور، قانع بالذي عنده، لا يدعي ما ليس له، لا يجمع في قنط (2)، ولا يغلبه الشح عن معروف يريده، يخالط الناس ليعلم، ويناطق ليفهم، وإن ظلم أو بغي عليه صبر حتى يكون الرحمن الذي ينتصر له.
وقال الحسن: وعظني بهذا الحديث جندب بن عبد الله، وقال جندب: وعظني بهذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: حق على كل مسلم تعلمه وحفظه ".
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لمولاه نوف الشامي، وهو معه في السطح:
" يا نوف، أرامق أنت أم نبهان؟ قال: نبهان أرمقك يا أمير المؤمنين، قال: هل تدري من شيعتي؟ قال: لا والله، قال: شيعتي الذبل الشفاه، والخمص البطون، الذين تعرف الرهبانية والربانية في وجوههم، رهبان بالليل أسد بالنهار، الذين إذا أجنهم الليل اتزروا على أوساطهم، وارتدوا على أطرافهم، وصفوا أقدامهم، وافترشوا جباههم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم، وأما النهار فحلماء، وعلماء، كرام، نجباء، أبرار، أتقياء.
يا نوف، شيعتي الذين اتخذوا الأرض بساطا، والماء طيبا، والقرآن شعارا، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفقدوا، شيعتي الذين في قبورهم يتزاورون، وفي أموالهم يتواسون، وفي الله يتباذلون.