أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٣٨
يا نوف، درهم ودرهم، وثوب وثوب، وإلا فلا، شيعتي من لم يهر هرير الكلاب، ولم يطمع طمع الغراب، ولم يسأل الناس ولو مات جوعا، إن رأى مؤمنا أكرمه، وإن رأى فاسقا هجره هؤلاء - والله يا نوف - شيعتي، شرورهم مأمونة، وقلوبهم محزونة، وحوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، اختلفت بهم الأبدان ولم تختلف قلوبهم.
قال: قلت: يا أمير المؤمنين - جعلني الله فداك - أين أطلب هؤلاء؟
قال: فقال لي: " في أطراف الأرض.
يا نوف، يجئ النبي صلى الله عليه وآله يوم القيامة آخذا بحجزة ربه جلت أسماؤه - يعني بحبل الدين وحجزة الدين - وأنا آخذ بحجزته، وأهل بيتي آخذون بحجزتي، وشيعتنا آخذون بحجزتنا، فإلى أين؟ إلى الجنة ورب الكعبة - قالها ثلاثا - " (1) عن نوف البكالي، قال: عرضت لي إلى أمير المؤمنين عليه السلام حاجة، فاستسعيت إليه جندب بن زهير والربيع بن خيثم وابن أخيه همام بن عبادة، وكان من أصحاب البرانس، فأقبلنا معتمدين لقاء أمير المؤمنين، فألفيناه حين خرج إلى المسجد، فأفضى ونحن معه إلى نفر قد أفاضوا في الأحدوثات تفكها، فلما أشرف لهم أسرعوا إليه قياما، فسلموا فرد التحية ثم قال: " من القوم؟ ".
قالوا: أناس من شيعتك، يا أمير المؤمنين.
فقال لهم خيرا، ثم قال: " يا هؤلاء، ما لي لا أرى فيكم سمة الشيعة وحليتهم؟ " فأمسك القوم حياء، قال نوف: فأقبل عليه جندب والربيع فقالا: ما سمة شيعتكم، يا أمير المؤمنين؟ فتثاقل عن جوابهما وقال: " اتقيا الله - أيها الرجلان - وأحسنا، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " فقال همام بن عبادة - وكان عابدا متزهدا مجتهدا -: أسألك بالذي أكرمكم - أهل البيت - وخصكم وحباكم وفضلكم تفضيلا لما أنبأتنا بصفة شيعتكم؟
فقال: " لا تقسم فسأنبئكم جميعا " وأخذ بيد همام فدخل المسجد فصلى ركعتين أو جزهما وأكملهما، ثم جلس وأقبل علينا، وحف القوم به، فحمد الله وأثنى

١ - رواه الكراجكي مسندا في كنز الفوائد: ٣٠.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»