أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١٤٦
حاضر، وعليك باليأس فإنك إن تأيس من شئ إلا أغناك الله عنه، وإياك وما يعتذر منه، فإنه لا يعتذر من كل خير، وإذا صليت فصل صلاة مودع، وأنت ترى أنك لا تبقى لصلاة بعدها أبدا ".
ومن كتاب الكراجكي: روي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال:
" كونوا في الدنيا أضيافا، واتخذوا المساجد بيوتا، وعودوا قلوبكم الرقة، وأكثروا من التفكر والبكاء من خشية الله، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون " (1).
وقال صلى الله عليه وآله: " نزل جبريل إلي في أحسن صورة فقال: يا محمد، ربك يقرؤك السلام، ويقول: إني أوحيت إلى الدنيا: أن تسهلي وبطئي وتيسري لأعدائي حتى يبغضوا لقائي، وتشددي وتعسري وتضيقي على أوليائي ليحبوا لقائي، فإني جعلت الدنيا سجنا لأوليائي، وجنة لأعدائي ".
وروي عنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: " إذا أحب الله تعالى عبدا نصب في قلبه نائحة من الخوف، وإذا أبغض عبدا جعل في قلبه مزمارا من الضحك، فإن الله تعالى يحب كل باك حزين، ما يدخل النار من بكى من خشية الله، حتى يرجع اللبن الضرع، ولن يجتمع في منخري مؤمن دخان جهنم وغبار في سبيل الله ".
وروي أن رجلا قال لأمير المؤمنين عليه السلام: عظني. فقال له: " لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول أمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل عمل الراغبين، إن أعطي لم يشبع، وإن منع لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى ولا ينتهي، يأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، يبغض المذنبين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على [ما] (2) يكره الموت له، إن سقم ظل نادما، وإن صح أمن لا هيا، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطرا، وإن ناله رخاء أعرض مغترا، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله.
إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط ووهن، يقصر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل، إن

١ - كنز الفوائد: ١٦٠.
2 - أثبتناه من نهج البلاغة.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»