كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٧٧
قال: والسمع متأول ومعارض بمثله (1) والترجيح معنا.
أقول: هذا جواب عن الشبه النقلية بطريق إجمالي، وتقريره أنهم قالوا:
قد ورد في الكتاب العزيز ما يدل على الجبر كقوله تعالى: * (الله خالق كل شئ) * (2) * (والله خلقكم وما تعملون) * (3)، (4) * (ختم الله على قلوبهم) * (5) * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) * (6).
والجواب: أن هذه الآيات متأولة وقد ذكر العلماء تأويلاتها في كتبهم.

(١) لا يخفى عدم صحة التعبير، إذ القرآن خال عن أي تناقض واختلاف، قال سبحانه: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * (النساء: ٨٢) فاحتج بعدم الاختلاف على كونه منزلا من الله سبحانه، ومعه كيف يمكن استعمال لفظ المعارض، بل كان عليه أن يقول: إن الآيات حول الجبر والاختيار كثيرة، والمتشابهة منها تؤول أو تفسر ببركة المحكم ويرد الأولى إلى الثاني، كما أمر به سبحانه في سورة آل عمران الآية ٧.
(٢) الرعد: ١٦، والزمر: ٦٢.
(٣) الصافات: ٩٦.
(٤) الاستدلال بالآية على الجبر، باطل جدا لأن المقصود من الموصول هو الأصنام التي كانوا ينحتونها ثم يعبدونها، لا أفعال الإنسان، ويدل على ذلك سياق الآيات، قال سبحانه: (أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون) (الصافات: ٩٥ - ٩٦) يريد أن الصنم الذي تتذللون دونه هو مصنوعكم، وهو الذي عملتموه أمس، فكيف تعبدونه اليوم (أف لكم ولما تعبدون) (الأنبياء:
٦٧).
نعم قد استدل غير واحد من المجبرة حتى الشيخ الأشعري (١) بالآية على الجبر غافلا عن مرمى الآية.
- ١ - الأشعري: الإبانة: الأصل ١٧ ص ٢٠.
(٥) البقرة: ٧.
(٦) الأنعام: ١٢٥.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»