كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٧٢
قال: ومع الاجتماع يقع مراده تعالى.
أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى لهم، وتقريرها: أن العبد لو كان قادرا على الفعل (1) لزم اجتماع قادرين على مقدور واحد، والتالي باطل فالمقدم مثله.
بيان الشرطية: أنه تعالى قادر على كل مقدور، فلو كان العبد قادرا على

(1) استدل على أن قدرة العبد غير صالح للإيجاد، وذلك فيما إذا أراد الله تسكين جسم وأراد العبد تحريكه، فله صور ثلاث:
1 - أن يقع المرادان. وهو محال، استلزامه اجتماع النقيضين.
2 - أن لا يقع المرادان. وهو محال، لاستلزامه ارتفاعهما.
3 - أن يقع أحدهما دون الآخر، يلزم الترجيح بلا مرجح لأن المفروض أن كلا من القدرتين علة تامة للمراد فلا ترجح إحداهما على الأخرى.
قال الرازي في أربعينه: " لو كانت قدرة العبد صالحة للإيجاد فإذا أراد الله تسكين جسم وأراد العبد تحريكه فإما أن يقع المرادان أو لا يقع واحد منهما وهما محالان، أو يقع مراد الله تعالى دون مراد العبد وهو أيضا محال لأن الله تعالى وإن كان قادرا على ما لا نهاية له، والعبد ليس كذلك، إلا أن ذلك لا يوجب التفاوت بين قدرته تعالى وقدرة العبد في هذه الصورة، لأن الحركة الواحدة والسكون الواحد ماهية غير قابلة للقسمة والتفاوت بوجه من الوجوه، وإذا كان المقدور غير قابل للتفاوت لم يكن القدرة على مثل هذا المقدور قابلة للتفاوت، فيمتنع أن يكون قدرة الله تعالى على إيجاد هذه الحركة أقوى من قدرة العبد على إيجاد السكون " (1).
وقد اشتبه الأمر على الرازي، فتخيل أن المورد أيضا من موارد برهان التمانع الذي أقاموه على وحدة الخالق للعالم. وذلك لأن إرادته سبحانه في المقام من موانع ظهور إرادة العبد في لوح نفسه، فكيف تعد الإرادتين متساويتين. بخلاف المورد الآخر فإن الإلهين المفروضين تامان في القدرة.
- 1 - الرازي: الأربعون: 232، لاحظ أيضا الإلهيات: 2 / 273.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»