كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٧٣
شئ لاجتمعت قدرته وقدرة الله تعالى عليه.
وأما بطلان التالي: فلأنه لو أراد الله تعالى إيجاده وأراد العبد إعدامه فإن وقع المرادان أو عدما لزم اجتماع النقيضين، وإن وقع مراد أحدهما دون الآخر لزم الترجيح من غير مرجح.
والجواب أن نقول: يقع مراد الله تعالى لأن قدرته أقوى من قدرة العبد وهذا هو المرجح، وهذا الدليل أخذه بعض الأشاعرة من الدليل الذي استدل به المتكلمون على الوحدانية، وهناك يتمشى لتساوي قدرتي الإلهين المفروضين، أما هنا فلا.
قال: والحدوث اعتباري. (1) أقول: هذا جواب عن شبهة أخرى ذكرها قدماء الأشاعرة، وهي: أن

(1) استدلت الأشاعرة على أنه لا تأثير لقدرة العبد في أفعاله الحادثة، قائلا بأنه تشترط مخالفة الفاعل لفعله في الجهة التي بها يتعلق فعله، وهو (1) الحدوث، فيجب أن يكون الفاعل للحدوث في مقام الوجود، مخالفا لفعله في الحدوث، مع أن العبد محدث، فلا يكون فاعلا للفعل الحادث.
وبعبارة أخرى: الجهة القائمة في الفاعل تجب أن تكون غير الجهة التي يتعلق بها الفعل، والجهة القائمة في الفاعل هو الحدوث، والجهة التي يتعلق بها الفعل أيضا الحدوث، فلا يصح عد الأول علة للثاني لوحدة الجهة، بل يجب أن يكون مثل الواجب والممكن، والجهة الموجودة في الأول هو الوجوب والقدم، والجهة التي يتعلق بها الفعل في الثاني هو الحدوث والإمكان.
يلاحظ عليه: أنه لم تقم أية صورة برهان لهذه المغايرة فضلا عن البرهان، إذ لا - 1 - الظاهر تأنيث الضمير لعوده إلى الجهة فإن فعله يتعلق بجهة الحدوث.
يشترط في التأثير إلا الأقوائية والتقدم الرتبي، لا التغاير في الجهة وإلا يلزم امتناع كونه سبحانه فاعلا للممكنات مع وحدة الجهة، فإنه موجود وبوجوده يحدث الممكن الذي هو أيضا وجود وموجود، فالمؤثر والأثر كلاهما وجود.
ويظهر من المحقق الطوسي أنه قبل الضابطة وأجاب بوجه آخر، وهو أن الأثر الصادر من الفاعل هو التأثير في الماهية، والحدوث أمر انتزاعي ينتزع من وجود الشئ بعد العدم، وكان الأولى نفي الضابطة.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»