كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٧
وقد استدل المصنف على وجوبها بأمرين:
الأول: أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف منه، ودفع الضرر واجب.
الثاني: أنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الإخلال بالواجب.
إذا عرفت هذا فنقول: إنها تجب عن كل ذنب لأنها تجب من المعصية لكونها معصية ومن الإخلال بواجب لكونه كذلك، وهذا عام في كل ذنب وإخلال بواجب.
قال: ويندم على القبيح لقبحه (1) وإلا انتفت، وخوف النار إن كان الغاية فكذلك، وكذا الإخلال.
أقول: يجب على التائب أن يندم على القبيح لقبحه وأن يعزم على ترك المعاودة إليه، إذ لولا ذلك انتفت التوبة، كمن يتوب عن المعصية حفظا لسلامة بدنه أو لعرضه بحيث لا ينثلم عند الناس، فإن مثل هذا لا يعد توبة لانتفاء الندم فيه.

(1) حاصل كلامه: أن المحرك إلى التوبة يجب أن يكون إدراك قبح العمل بما هو هو، سواء كان القبيح فعل المحرم أو ترك الواجب، ولو انضم إليه شئ من الأمور الدنيوية، بحيث لولاها لما تاب، فلا يعد توبة حقيقة.
لكن الحق، الفرق بين البواعث الدنيوية كصيانة وجاهته عند الناس، والبواعث الإلهية، من غير فرق بين العذاب الدنيوي أو الأخروي لقوله سبحانه: * (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) * (التوبة: 126) حيث يوبخهم على ترك التوبة مع الوقوع في الافتتان في كل عام مرة، ومن المعلوم أن المقصود حتما هو الأمراض والأوجاع وهما رائدا الموت.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»