كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٩٢
القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب، أو كثرة الزواجر عنه، أو الشناع عند العقلاء عند فعله، ولا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها، وهذا في دواعي الفعل، فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي، فلا استبعاد في كون قبح الفعل داعيا إلى الندم ثم تقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيترجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض، ولو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم ولم يصح الندم على البعض دون الآخر.
وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكلام أولاده كالرضا وغيره عليهم السلام حيث نقل عنهم نفي تصحيح التوبة عن بعض القبائح دون بعض، لأنه لولا ذلك لزم خرق الإجماع والتالي باطل فالمقدم مثله.
بيان الملازمة: أن الكافر إذا تاب عن كفره وأسلم وهو مقيم على الكذب إما أن يحكم بإسلامه وتقبل توبته عن الكفر أو لا، والثاني خرق الإجماع لاتفاق المسلمين على إجراء أحكام المسلمين عليه والأول هو المطلوب.
وقد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر وعدم قبول توبته وإسلامه لكن يمنع إطلاق الاسم عليه.
المسألة الثانية عشرة: في أقسام التوبة قال: والذنب إن كان في حقه تعالى من فعل قبيح كفى فيه الندم والعزم، وفي الإخلال بالواجب اختلف حكمه من بقائه وقضائه وعدمهما، وإن كان في حق آدمي استتبع إيصاله إن كان ظلما أو العزم عليه مع التعذر، أو الإرشاد إن كان إضلالا، وليس ذلك أجزاء.
أقول: التوبة إما أن تكون من ذنب يتعلق به تعالى خاصة، أو يتعلق به
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»