كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٩٠
توبته لحصول الشرط فيه وهو ندمه على القبيح لقبحه، ولهذا إذا تاب الخارجي عن الزنا فإنه يقبل توبته وإن كان اعتقاده قبيحا لأنه لا يعتقده كذلك فيصدق في حقه أنه تاب عن القبيح لقبحه.
قال: وكذا المستحقر.
أقول: إذا كان هناك فعلان: أحدهما عظيم القبح والآخر صغيره وهو مستحقر بالنسبة إليه حتى لا يكون معتدا به ويكون وجوده بالنسبة إلى العظيم كعدمه حتى تاب فاعل القبيح من العظيم، فإنه تقبل توبته.
مثال ذلك: إن الإنسان إذا قتل ولد غيره وكسر له قلما ثم تاب وأظهر الندم على قتل الولد دون كسر القلم، فإنه تقبل توبته ولا يعتد العقلاء بكسر القلم وإن كان لا بد من أن يندم على جميع إساءته، وكما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إساءة فكذا الندم.
قال: والتحقيق أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الدواعي إلى الفعل، ولو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم، وبه يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام، وإلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة.
أقول: لما شرع في تقرير كلام أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا المقام، وتقريره أن نقول:
الحق أنه تجوز التوبة عن قبيح دون قبيح لأن الأفعال تقع بحسب الدواعي وتنتفي بحسب الصوارف فإذا ترجح الداعي وقع الفعل.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»