بالواجب وإن لم يتصوروا منه فعلا كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح.
واعلم أنه يشترط في استحقاق الفاعل المدح والثواب إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه (1)، وكذا المندوب يفعله لندبه أو لوجه ندبه، وكذا في ترك القبيح يتركه لكونه ترك قبيح أو لوجه ذلك والإخلال بالقبيح لكونه إخلالا بالقبيح، فإنه لو فعل الواجب أو المندوب لا لما ذكرناه (2) لم يستحق مدحا ولا ثوابا عليهما، وكذا لو ترك القبيح لغرض آخر من لذة أو غيرها لم يستحق المدح والثواب.
والدليل على استحقاق الثواب بفعل الطاعة أنها مشقة قد ألزمها الله تعالى المكلف، فإن لم يكن لغرض كان عبثا وظلما وهو قبيح لا يصدر عن الحكيم، وإن كان لغرض فإما الإضرار وهو ظلم، وإما النفع وهو إما أن يصح الابتداء به أو لا. والأول باطل وإلا لزم العبث في التكليف، والثاني هو المطلوب، وذلك النفع هو المستحق بالطاعة المقارن للتعظيم والإجلال، فإنه يقبح الابتداء بذلك لأن تعظيم من لا يستحقه قبيح.