كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٦٦
بالواجب وإن لم يتصوروا منه فعلا كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح.
واعلم أنه يشترط في استحقاق الفاعل المدح والثواب إيقاع الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه (1)، وكذا المندوب يفعله لندبه أو لوجه ندبه، وكذا في ترك القبيح يتركه لكونه ترك قبيح أو لوجه ذلك والإخلال بالقبيح لكونه إخلالا بالقبيح، فإنه لو فعل الواجب أو المندوب لا لما ذكرناه (2) لم يستحق مدحا ولا ثوابا عليهما، وكذا لو ترك القبيح لغرض آخر من لذة أو غيرها لم يستحق المدح والثواب.
والدليل على استحقاق الثواب بفعل الطاعة أنها مشقة قد ألزمها الله تعالى المكلف، فإن لم يكن لغرض كان عبثا وظلما وهو قبيح لا يصدر عن الحكيم، وإن كان لغرض فإما الإضرار وهو ظلم، وإما النفع وهو إما أن يصح الابتداء به أو لا. والأول باطل وإلا لزم العبث في التكليف، والثاني هو المطلوب، وذلك النفع هو المستحق بالطاعة المقارن للتعظيم والإجلال، فإنه يقبح الابتداء بذلك لأن تعظيم من لا يستحقه قبيح.

(1) هناك مسألتان:
الأولى: أن روح العبادة هي القيام بالعمل لأجل أمره سبحانه به أو لأجل التقرب منه وهذا ما يطلق عليه قصد القربة.
الثانية: إتيان الواجب لوجوبه بل المندوب لندبه، ثم الوجوب أو الندب يكون تارة وصفا للواجب والمندوب وأخرى غاية، فقوله: " لوجوبه " إشارة إلى قصد الوجوب بصورة الغاية، أو " لوجه وجوبه " إشارة إلى جعله وصفا، وعلى كل تقدير فقد اتفق الفقهاء على أن الواجب هو قصد القربة لا قصد الوجه وإنما التزم به المتكلمون وابن إدريس من الفقهاء.
(2) يلاحظ عليه بأنه إذا أتى لله سبحانه كفى ذلك في استحقاق الثواب ولا يحتاج إلى قصد عنوان الوجوب غاية أو صفة.
والعجب من الشارح مع أنه من أكابر فقهاء الشيعة مر على هذه المسألة بلا تعليق.
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»