كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٤
حيث أمره هو وعمر بن الخطاب وعثمان في تنفيذ جيش أسامة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال في مرضه حالا بعد حال: " نفذوا جيش أسامة "، وكان الثلاثة في جيشه وفي جملة من يجب عليه النفوذ معه، فلم يفعلوا ذلك، مع أنهم عرفوا قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن غرضه بالتنفيذ من المدينة بعد الثلاثة عنها بحيث لا يتوثبوا على الإمامة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا جعل الثلاثة في الجيش ولم يجعل عليا عليه السلام معه، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسامة أمير الجيش وكان فيه أبو بكر وعمر وعثمان، فهو أفضل منهم وعلي عليه السلام أفضل من أسامة، ولم يول عليه أحدا فيكون هو عليه السلام أفضل الناس كافة.
قال: ولم يتول عملا في زمانه، وأعطاه سورة براءة فنزل جبرئيل فأمره برده وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلا هو أو أحد من أهل بيته فبعث بها عليا عليه السلام (1).
أقول: هذا طعن آخر على أبي بكر، وهو أنه لم يوله النبي صلى الله عليه و آله وسلم عملا في حياته أصلا سوى أنه أعطاه سورة براءة وأمره بالحج بالناس، فلما مضى بعض الطريق نزل جبرئيل عليه السلام على النبي وأمره برده وأخذ السورة منه وأن لا يقرأها إلا هو عليه السلام أو أحد من أهل بيته، فبعث بها عليا عليه السلام وولاه الحج بالناس.
وهذا يدل على أن أبا بكر لم يكن أهلا لإمارة الحج فكيف يكون أهلا للإمامة بعده، ولأن من لا يؤمن على أداء سورة في حياته عليه السلام كيف يؤمن على

(1) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: 1 / 303، الحديث 307 و 308 و 309 و 310 و 311 و 312 و 313 و 314 و 315 و 327، الشافي في الإمامة: 3 / 61، جامع البيان (تفسير الطبري): 10 / 41 - 55.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»