كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٧
وكذا هو الناصب لأمارة الظن، فلما كان سبب الغم منه تعالى كان العوض عليه.
وأما الغم الحاصل من العبد نفسه من غير سبب منه تعالى، نحو أن يبحث العبد فيعتقد جهلا نزول ضرر به أو فوات منفعة، فإنه لا عوض فيه عليه تعالى، ولو فعل به تعالى فعلا لو شعر به لاغتم نحو أن يهلك له مالا وهو لا يشعر به إلى أن يموت فإنه لا يستحق العوض عليه تعالى لأنه إذا لم يشعر به لم يغتم به.
الرابع: أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان أو إباحته، سواء كان الأمر للإيجاب كالذبح في الهدي والكفارة والنذر، أو للندب كالضحايا، فإن العوض في ذلك كله على الله تعالى، لاستلزام الأمر والإباحة الحسن، والألم إنما يحسن إذا اشتمل على المنافع العظيمة البالغة في العظم حدا يحسن الألم لأجله.
الخامس: تمكين غير العاقل، مثل سباع الوحش وسباع الطير والهوام، وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال:
فذهب بعضهم إلى أن العوض على الله تعالى مطلقا، ويعزى هذا القول إلى أبي علي الجبائي.
وقال آخرون: إن العوض على فاعل الألم، وهو قول يحكى عن أبي علي أيضا.
وقال آخرون: لا عوض هنا على الله تعالى ولا على الحيوان.
وقال قاضي القضاة: إن كان الحيوان ملجأ إلى الإيلام كان العوض عليه تعالى، وإن لم يكن ملجأ كان العوض على الحيوان نفسه.
احتج الأولون: بأنه تعالى مكنه وجعل فيه ميلا شديدا إلى الإيلام مع
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»