كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٢
قال: ويجوز في المستحق كونه عقابا.
أقول: هذا مذهب أبي الحسين البصري، فإنه جوز أن تقع الأمراض في الكفار والفساق عقابا للكافر والفاسق لأنه ألم واصل إلى المستحق فأمكن أن يكون عقابا، ويكون تعجيله قد اشتمل على مصلحة لبعض المكلفين كما في الحدود.
ومنع قاضي القضاة من ذلك وجزم بكون أمراضهم محنا لا عقوبات لأنه يجب عليهم الرضا والصبر عليها والتسليم وترك الجزع ولا يلزمهم ذلك في العقاب.
والجواب: المنع من عدم اللزوم في العقاب لأن الرضا يطلق على معنيين:
أحدهما: الاعتقاد لحسن الفعل، وهو مشترك بين العقاب والمحنة.
والثاني: موافقة الفعل للشهوة، وهذا غير مقدور للعبد فلا يجب في المحنة ولا في العقاب، وإذا كان الرضا بالمعنى الأول واجبا في العقاب فكذلك الصبر على ذلك الاعتقاد واجب بأن لا يظهر خلاف الرضا وهو الجزع، ويجب أيضا التسليم بأن يعتقد أنه لو تمكن من دفع المرض الذي هو مصلحة له لا يدفعه ولا يمتنع منه.
قال: ولا يكفي اللطف في ألم المكلف في الحسن. (1) أقول: هذا مذهب الشيخين وقاضي القضاة، وجوز بعض المشايخ

(1) الفرق بين هذه المسألة وما تقدم من قوله: " ولا بد في المشتمل على النفع من اللطف " الذي اختلف فيه الشيخان هناك ولكن اتفقا في المقام، هو أن البحث فيما تقدم كان مركزا على أن مجرد العوض كاف في الألم الابتدائي أو لا بد من ضم أمر آخر كاللطف ليخرج عن العبث، فقال أبو علي بالأول وأبو هاشم بالثاني، وأما المقام فالبحث مركز على أن مجرد اللطف كاف في الألم الابتدائي وإن لم يرجع نفع إلى المولم أولا. وقد مثل القائلون بالجواز بالسفر الشاق إذا باع سلعته فيه بقيمة غالية، فهناك أمور ثلاثة: 1 - السفر الشاق وليس في مقابله شئ. 2 - بيع السلعة. 3 - الربح الذي هو في مقابل السلعة، مثل المقام، فإن فيه أمورا ثلاثة: الإيلام، الطاعة، الثواب.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»