كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٨
إمكان عدم الميل ولم يجعل له عقلا يميز به حسن الألم من قبحه ولم يزجره بشئ من أسباب الزجر مع إمكان ذلك كله، فكان ذلك بمنزلة الإغراء، فلولا تكفله تعالى بالعوض لقبح منه ذلك.
واحتج الآخرون (1): بقوله عليه السلام: إن الله تعالى ينتصف للجماء من القرناء.
واحتج النافون للعوض: بقوله عليه السلام: جرح العجماء جبار.
واحتج القاضي بأن التمكين (2) لا يقتضي انتقال العوض من الفاعل إلى الممكن وإلا لوجب عوض القتل على صانع السيف، بخلاف الإلجاء

(1) المقصود هو القول الثاني الذي أشار إليه بقوله: " إن العوض على فاعل الألم "، مستدلا بأنه سبحانه ينتصف للجماء (ضد القرناء) من القرناء، ولا يخفى أنه لو صح الحديث يكون معناه أنه ينتقم الله لها من القرناء، لا أن العوض على فاعل الألم وأنه سبحانه ينقل أعواض القرناء إليها كما هو المدعى.
والمراد من القول الثالث عدم العوض مطلقا مستدلا بما روى: " جرح العجماء جبار " (1)، وقد استدل بها الفقهاء على عدم الضمان لصاحبها، وأين هو من الدلالة على كون العوض على الحيوان أو على خالقه؟
- 1 - أحمد بن حنبل: المسند: 5 / 326 والجبار هو الهدر الذي لا يغرم.
(2) لا يخفى أن ما ذكره القاضي من الفرق بين التمكين والإلجاء وإن كان متينا، لكن القسم الأول منتف في الحيوان الذي هو المحور للبحث، فإن الافتراس أمر غريزي للسبع مطلقا بلا استثناء.
وأما قوله: " بأن العوض لو كان عليه تعالى لما حسن منعها عن الأكل " فمعناه: إذا كان العوض على الله فلماذا نمنع السباع عن أكل الإنسان بعد افتراسه، فإن مقتضى المعاوضة فسح المجال لها ولو في هذا الحد، وأجاب الشارح بأن هنا وجها للمنع وهو التحفظ على كرامة الإنسان ولو بأجزائه المتفككة.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»