كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٣
إدخال الألم على المكلف إذا اشتمل على اللطف والاعتبار وإن لم يحصل في مقابلته عوض، لأن الألم كما يحسن لنفع يقابله فكذا يحسن لما يؤدي إليه الألم، ولهذا حسن منا تحمل مشاق السفر لربح يقابل السلعة ولا يقابل مشاق السفر، ولما كان مشاق السفر علة في حصول الربح المقابل للسلعة فكذا الألم الذي هو لطف لولاه لما حصل الثواب المقابل للطاعة فحسن فعله وإن خلا عن العوض لأدائه إلى النفع.
وحجة الأوائل أن الألم غير المستحق لولا اشتماله على النفع أو دفع الضرر كان قبيحا، والطاعة المفعولة لأجل الألم (1) ليست بنفع، والثواب المستحق عليها يقابل الطاعة دون الألم، فيبقى الألم مجردا عن النفع وذلك قبيح.

(1) حاصله: أن مجرد اللطف لا يكفي في الألم الابتدائي، وذلك لأن الألم ينتهي إلى الطاعة وهي تلازم الثواب، فالثواب في مقابل الطاعة، ولا يكون في مقابل الألم شئ، وفي المقام أمور ثلاثة (الألم، الطاعة، والثواب).
ولكن الحق أن يقال: إن كان الألم في طريق طاعة المتألم أو داعيا إليها، فالظاهر كفاية اللطف، لأنه هو المؤثر في الطاعة المستلزمة للثواب، وكون الثواب لمجرد الطاعة لا يضر، إذ لولا اللطف بالألم، ما كانت هناك طاعة ولم يترتب ثواب.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»