أقول: إذا طرحنا صبيا في النار فاحترق فإن الفاعل للألم هو الله تعالى والعوض علينا نحن، لأن فعل الألم واجب في الحكمة من حيث إجراء العادة والله تعالى قد منعنا من طرحه ونهانا عنه، فصار الطارح كأنه الموصل إليه الألم فلهذا كان العوض علينا دونه تعالى.
وكذلك إذا شهد عند الإمام شاهدا زور بالقتل فإن العوض على الشهود وإن كان الله تعالى قد أوجب القتل والإمام تولاه، وليس عليهما عوض لأنهما أوجبا بشهادتهما على الإمام إيصال الألم إليه من جهة الشرع فصار كأنهما فعلاه.
لا يقال: هذا يوجب العوض عليه تعالى لأنه هو الموجب على الإمام قتله.
لأنا نقول: قبول الشاهدين عادة شرعية يجب إجراؤها على قانونها كالعادات الحسيات، فكما وجب العوض على الملقي للطفل في النار قضاء لحق العادة الحسية كذلك وجب العوض هنا على الشاهدين قضاء لحق العادة الشرعية، والمناط هو الحكمة المقتضية لاستمرار العادات.
قال: والانتصاف عليه تعالى واجب عقلا وسمعا (1).
أقول: اختلف أهل العدل في ذلك، فذهب قوم منهم إلى أن الانتصاف