كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢٩
المقتضي لاستناد الفعل في الحقيقة إلى الملجئ، ولهذا يحسن ذمه دون الملجأ، وبأن العوض لو كان عليه تعالى لما حسن منعها عن الأكل.
والجواب عن الأول: أنه لا دلالة في الحديث على أنه تعالى ينتصف للجماء بأن ينقل أعواض القرناء إليها، وهو يصدق بتعويض الله تعالى إياها، كما أن السيد إذا غرم ما أتلفه عبده يقال قد أنصف المظلوم من عبده، مع أنه يحتمل المجاز بتشبيه الظالم لتمكنه من الظلم بالقرناء والمظلوم بالجماء لضعفه.
وعن الثاني: أن المراد انتفاء القصاص.
وعن الثالث: بالفرق فإن القاتل ممنوع من القتل وعنده اعتقاد عقلي يمنعه عن الإقدام عليه، فلهذا لم نقل بوجوب العوض على صانع السيف بخلاف السبع.
وعن الرابع: أنه قد يحسن المنع عن الأكل إذا كان لذلك المنع وجه حسن، كما أنه يحسن منا منع الصبيان عن شرب الخمر ومنع المعاقب عن العقاب.
قال: بخلاف الإحراق عند الإلقاء في النار (1) والقتل عند شهادة الزور.

(1) لما تقدم في البحث السابق أن العوض في إنزال الآلام والمضار على الله سبحانه، لزم منه - حسب الظاهر - أن يكون العوض عند الإلقاء في النار، والقتل عند شهادة الزور، عليه سبحانه أيضا، لأن الألم بالنار فعله سبحانه والقاضي منصوب من جانبه سبحانه وهو الموجب عليه القتل مباشرة أو تسبيبا.
أجاب ما هذا توضيحه: بأن المباشر أقوى في الصورة الأولى، بخلاف الصورة الثانية، فإن السبب أعني الملقي، أو شاهد الزور أقوى من المباشر، فلولا إلقاؤه أو شهادته لما كان هناك إحراق ولا قتل.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»