كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٩١
حفظها للشرع فلم يبق إلا الإمام فلو جاز الخطأ عليه لم يبق وثوق بما تعبدنا الله تعالى به وما كلفناه وذلك يناقض الغرض من التكليف وهو الانقياد إلى مراد الله تعالى (الثالث) إنه لو وقع منه الخطأ لوجب الانكار عليه وذلك يضاد أمر الطاعة له بقوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (الرابع) إنه لو وقع منه المعصية لزم نقض الغرض من نصب الإمام والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية إن الغرض من إمامته انقياد الأمة له وامتثال أوامره واتباعه فيما يفلعه فلو وقعت المعصية منه لم يجب شئ من ذلك وهو مناف لنصبه (الخامس) إنه لو وقع منه المعصية لزم أن يكون أقل درجة من العوام لأن عقله أشد ومعرفته بالله تعالى وعقابه وثوابه أكثر فلو وقع منه المعصية كان أقل حالا من الرعية وكل ذلك باطل قطعا.
قال: ولا ينافي العصمة القدرة.
أقول: اختلف القائلون بالعصمة في أن المعصوم هل يتمكن من فعل المعصية أم لا فذهب قوم منهم إلى عدم تمكنه من ذلك وذهب آخرون إلى تمكنه منها أما الأولون فمنهم من قال إن المعصوم مختص في بدنه أو نفسه بخاصة تقتضي امتناع إقدامه على المعصية ومنهم من قال إن العصمة هو القدرة على الطاعة وعدم القدرة على المعصية وهو قول أبي الحسين البصري وأما الآخرون الذين لم يسلبوا القدرة فمنهم من فسرها بأنه الأمر الذي يفعله الله تعالى بالعبد من الألطاف المقربة إلى الطاعات التي يعلم معها أنه لا يقدم على المعصية بشرط أن لا ينتهي ذلك الأمر إلى الالجاء ومنهم من فسرها بأنها ملكة نفسانية لا يصدر عن صاحبها معها المعاصي وآخرون قالوا المعصية لطف يفعله الله تعالى بصاحبه لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية وأسباب هذا اللطف أمور أربعة (أحدها) أن يكون لنفسه أو لبدنه خاصة تقتضي ملكة مانعة من الفجور وهذه الملكة مغايرة للفعل (الثاني) أن يحصل له علم بمثالب المعاصي ومناقب
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»