كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٨٩
(الأول) قال المخالف: كون الإمامة قد اشتملت على وجه اللطف لا يكفي في وجوبها على الله تعالى بخلاف المعرفة التي كفى وجه الوجوب فيه علينا لانتفاء المفاسد في ظننا أما في حقه تعالى فلا يكفي وجه الوجوب ما لم يعلم انتفاء المفاسد ولا يكفي الظن بانتفائها فلم لا يجوز اشتمال الإمامة على مفسدة لا نعلمها فلا تكون واجبة عليه تعالى (والجواب) أن المفاسد معلومة الانتفاء عن الإمامة لأن المفاسد محصورة معلومة إذ لا يجب علينا اجتنابها أجمع وإنما يجب اجتنابها إذا علمناها لأن التكليف بغير المعلوم محال وتلك الوجوه منتفية عن الإمامة فيبقى وجه اللطف خاليا عن المفسدة فيجب عليه تعالى ولأن المفسدة لو كانت لازمة للإمامة لم ينفك عنها والتالي باطل قطعا ولقوله تعالى (إني جاعلك للناس إماما) وإن كانت مفارقة جاز انفكاكها عنها فيجب على تقدير الانفكاك (الثاني) قالوا الإمامة إنما تجب لو انحصر اللطف فيها فلم لا يجوز أن يكون هناك لطف آخر يقوم مقام الإمامة فلا تتعين الإمامة اللطفية فلا تجب على التعيين (والجواب) أن انحصار اللطف الذي ذكرناه في الإمامة معلوم للعقلاء ولهذا يلتجئ العقلاء في كل زمان وكل صقع إلى نصب الرؤساء دفعا للمفاسد الناشئة من الاختلاف (الثالث) قالوا الإمام إنما يكون لطفا إذا كان متصرفا بالأمر والنهي وأنتم لا تقولون به فما تعتقدونه لطفا لا تقولون بوجوبه وما تقولون بوجوبه ليس بلطف (والجواب) أن وجود الإمام بنفسه لطف لوجوه (أحدها) أنه يحفظ الشرائع ويحرسها عن الزيادة والنقصان (وثانيها) أن اعتقاد المكلفين بوجود الإمام وتجويز إنفاذ حكمه عليهم في كل وقت سبب لردعهم عن الفساد ولقربهم إلى الصلاح وهذا معلوم بالضرورة (وثالثها) أن تصرفه لا شك أنه لطف وذلك لا يتم إلا بوجوده فيكون وجوده بنفسه لطفا وتصرفه لطفا آخر والتحقيق أن نقول لطف الإمامة يتم بأمور (منها) ما يجب على الله تعالى وهو خلق الإمام وتمكينه بالتصرف والعلم والنص عليه باسمه ونسبه وهذا قد فعله الله تعالى
(٣٨٩)
مفاتيح البحث: النهي (1)، الظنّ (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»