كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٨٧
وقال عليه وآله السلام (بعثت إلى الأسود والأحمر) لا يقال كيف يصح إرساله إلى من لا يفهم خطابه وقد قال تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) لأنا نقول لا استبعاد في ذلك بأن يترجم خطابه لمن لا يفهم لغته مترجم وليس في الآية أنه تعالى ما أرسل رسولا إلا إلى من يفهم لسانه وإنما أخبر بأنه ما أرسله إلا بلسان قومه وجوز قاضي القضاة في يأجوج ومأجوج احتمالين (أحدهما) أن لا يكونا مكلفين أصلا وإن كانوا مفسدين في الأرض كالبهائم المفسدة في الأرض (والثاني) أن يكونوا مكلفين وقد بلغتهم دعوته عليه وآله السلام بأن يقربوا من الأمكنة التي يسمعون فيها كلام من هو وراء السد وجوز بعض الناس أن يكون في بعض البقاع من لم يبلغه دعوته عليه السلام فلا يكون مكلفا بشريعته وعندي أن المراد بذلك إن كان عدم تكليفهم مطلقا سواء بلغتهم بعد ذلك الدعوة أم لا فهو باطل قطعا لما بينا من عموم نبوته عليه وآله السلام وإن كان المراد أنهم غير مكلفين ما داموا غير عالمين فإذا بلغتهم الدعوة صاروا مكلفين بها فهو حق.
قال: وهو أفضل من الملائكة وكذا غيره من الأنبياء (ع) لوجود المضاد للقوة العقلية وقهره على الانقياد عليها.
أقول: اختلف الناس هنا فذهب أكثر المسلمين إلى أن الأنبياء عليهم السلام أفضل من الملائكة وذهب آخرون منهم وجماعة الأوائل إلى أن الملائكة عليهم السلام أفضل واستدل الأولون بوجوه ذكر المصنف منها وجها للاكتفاء به وهو أن الأنبياء عليهم السلام قد وجد فيهم القوة الشهوية والقوة الغضبية وساير القوى الجسمانية كالخيالية والوهمية وغير ذلك وأكثر أحكام هذه القوى يضاد حكم القوة العقلية ويمانعها حتى أن أكثر الناس يلتجئ إلى قوة الشهوة والغضب والوهم ويترك مقتضى القوة العقلية والأنبياء عليهم السلام يقهرون قوى طبائعهم ويفعلون بحسب مقتضى قواهم العقلية ويعرضون عن القوى الشهوانية وغيرها
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»