كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٤
المختلفة بالوضع لا غير كما إنا نفرق بين العين اليمنى واليسرى من الصورة التي نتخيلها ونميز بينهما مع اتحادهما في الحقيقة واختلافهما في الوضع فليس الامتياز بينهما بذاتي ولا بما يلزم الذات لفرض تساويهما بل بأمور عارضة ثم اختصاص كل واحدة منهما بعارضها ليس في الوجود الخارجي لأن المتخيل قد لا يكون موجودا في الخارج فليس الامتياز إذن للمأخوذ عنه بل للآخذ فإن كان محل أحديهما هو بعينه محل الأخرى استحال اختصاص أحديهما بكونها يمنى والأخرى بكونها يسرى لأن نسبة العارض إليهما واحدة فبقي أن يكون المحل مختلفا حتى يكون الجانب الذي تحل فيه أحديهما غير الجانب الذي تحل فيه الأخرى إذا عرفت هذا (فقوله) وتعقل بذاتها إشارة إلى ما ذكرناه من أن التعقل للأمور الكلية لذات النفس من غير آلة (وقوله) وتدرك بالآلات إشارة إلى أن إدراك الأمور الجزئية إنما يكون بواسطة قوى جسمانية (وقوله) للامتياز بين المختلفين وضعا إشارة إلى ما مثلناه من الامتياز بين العينين (وقوله) من غير استناد أي من غير استناد إلى الخارج.
المسألة الثانية عشرة: في القوى النباتية قال: وللنفس قوى تشارك بها غيرها هي الغاذية والنامية والمولدة.
أقول: لما كان البدن آلة للنفس في أفاعيلها المنوطة به كان صلاحها بصلاحه ولما كان البدن مركبا من العناصر المتضادة وكان تأثير الجزء الناري فيه الإحالة احتيج في ثباته إلى إيراد بدل ما يتحلل منه فاقتضت حكمة الله تعالى جعل النفس ذات قوة يمكنها بها استخلاف ما ذهب بما يأتي وذلك إنما يكون بالغذاء ثم لما كان البدن أول خلقته محتاجا إلى زيادة في مقداره على تناسب في أقطاره بأجسام تنضم إليه من خارج وجب في حكمة الله تعالى جعل النفس ذات قوة يمكنها بها تحصيل جواهر قابلة للتشبه بالبدن تنضم إليه على تناسب في أقطاره
(٢٠٤)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»