كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٠٢
والمشهور أنها لا تفنى أما أصحابنا فإنهم استدلوا على امتناع فنائها بأن الإعادة واجبة على الله تعالى على ما يأتي ولو عدمت النفس لامتنعت إعادتها لما ثبت من امتناع إعادة المعدوم فيجب أن لا تفنى وأما الأوائل فاستدلوا بأنها لو عدمت لكان إمكان عدمها محتاجا إلى محل مغاير لها لأن القابل يجب وجوده مع المقبول ولا يمكن وجود النفس مع العدم فذلك المحل هو المادة فتكون النفس مادية فتكون مركبة هذا خلف على أن تلك المادة (1) يستحيل عدمها لاستحالة التسلسل وهذه الحجة ضعيفة لأنها مبنية (2) على ثبوت الإمكان واحتياجه إلى المحل الوجودي وهو ممنوع سلمنا لكن ذلك ينتقض بالجواهر البسيطة فإنها ممكنة ومعنى إمكانها قبولها للعدم فتكون مادية سلمنا لكن لم لا يجوز القول بكون النفوس مركبة من جوهرين مجردين أحدهما يجري مجرى المادة والآخر يجري مجرى الصورة وبقاء جوهر المادة لا يكفي في بقاء جوهر النفس ثم ينتقض ذلك بإمكان الحدوث فإنه يتحقق هناك إمكان من دون مادة قابلة فكذا إمكان الفساد.
المسألة العاشرة: في إبطال التناسخ قال: ولا يصير مبدء صورة لآخر وإلا بطل ما أصلناه من التعادل.
أقول: اختلف الناس هيهنا فذهب جماعة من العقلاء إلى جواز التناسخ في

(1) توضيحه أن النفس لو كانت لها مادة فإما أن يستحيل الفساد والعدم على تلك المادة أو لا الأول يستلزم المطلوب إذ نقول أن النفس هي تلك المادة إذ لا نعني بالنفس إلا جوهرا مجردا يستحيل عليه الفساد ويكون محلا للصور المجردة والثاني يستلزم أن تكون لتلك المادة مادة أخرى فننقل الكلام إلى تلك المادة الأخرى فيلزم التسلسل أي وجود مواد غير متناهية.
(2) هذا الإشكال غير وارد لأن المراد بالإمكان المذكور في هذه الحجة هو استعداد الفساد والاستعداد سواء كان للفساد أو الكون أمر موجود حال في المادة أو الموضوع.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»